هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
نافذة الإسلام الصحيح
صحيح الدين الاسلامى
الى كل مصرى مصر امانة فى رقبتك الى يوم الدين حافظ عليها ---- لا للعنف --- لا للصراع --- مصر فوق الجميع---كن مع رئيسك ومع مصر فى ازمتها------ سجل زوار الموقع http://www.arabgb.com/gb.php?id=34303&a=show
موضوع: نساء صنعت تاريخ البشرية -6 الثلاثاء أكتوبر 22, 2013 9:15 am
ثانية النورين (أم كلثوم بنت النبي() "يتزوج حفصة من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة" [ابن سعد]. فمَـنْ تكـون أفضل من حفـصة أم المؤمنين؟ جاء عثمان بن عفان - رضى اللَّه عنه - إلى بيت النبي ( ليلتمس المواساة في زوجته رقية - رضى اللَّه عنها - بعد وفاتها، وجاء عمر بن الخطاب - رضى اللَّه عنه - يشكو للنبى ( أبا بكر، وعثمان حين عرض عليهما ابنته حفصة، بعد أن مات زوجها خُنيس بن حذافة السهمى -رضى اللَّه عنه- فقال له النبي (: "يتزوج حفصة من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة". وقد صدقت بشراه ( حيث تزوج هو من حفصة، وتزوج عثمان من أم كلثوم بنت النبي(. ودخلت أم عياش -خادمة النبي ( إلى السيدة أم كلثوم تدعوها للقاء النبي ( لأخذ رأيها في أمر الزواج من عثمان ؛ فلما أطرقت صامتة حياءً من النبي (، عرف أنها ترى ما يراه ؛ فقال النبي ( لعثمان: "أزوجك أم كلثوم أُخت رقية، ولوكُنّ عشرًا لزوجتكهن" [ابن سعد]. فنال عثمان بن عفان بذلك الشرف لقب ذى النورين ؛ لزواجه من ابنتى رسول اللَّه (، فكلتاهما نور بحق، وظلت أم كلثوم في بيت عثمان زوجة له لمدة ست سنوات لا يفارقها طيف أختها رقية. ولدت السيدة أم كلثوم قبل بعثة النبي (، وشهدت ازدهار الإسلام وانتصاره على الكفر والشرك، وجاهدت مع باقى أسرتها، فشاركت أباها ( وأمها خديجة جهادهما، وعانت معهما وطأة الحصار الذي فرضه الكفار والمشركون على المسلمين في شِعْب أبى طالب، ثم هاجرت إلى المدينة المنورة مع أختها فاطمة بعد أن أرسل النبي ( إليهن زيد بن حارثة ليصحبهن. وشهدت فرحة انتصار المسلمين في بدر، وقد تشابهت ظروف أم كلثوم وأختها رقية -رضى اللَّه عنهما- حيث نشأتا سويّا في بيت النبوة، وخُطبا لشقيقين هما عتبة وعتيبة من أبناء أبى لهب وزوجته أم جميل، ولكن اللَّه أنقذهما وأكرمهما، فلم يبنيا بهما، وحرم ولدا أبى لهب من شرف زواجهما. وفى السنة التاسعة من الهجرة، توفيت أم كلثوم دون أن تنجب؛ فأرخى النبي ( رأسها الشريف بجانب ما بقى من رفات أختها رقية في قبر واحد، مودعًا إياها بدموعه.
الريحانة (فاطمة الزهراء بنت النبي () كانت حبيبة النبي ( وريحانته وحافظة أسراره ؛ فقد جلست بجواره ( يومًا فأسرَّ إليها بنبأ جعلها تبكى وتبتسم، فسألتها السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- عن ذلك. فأجابتها: ما كان لى لأفشى سر رسول اللَّه (. فلما مات النبي ( سألتها فقالت: إن أبى قال لى في أول مرة: "إن جبريل كان يعارضنى القرآن الكريم في كل سنة مرة واحدة، وإنه عارضنى إياه مرتين هذا العام، وما أراه إلا قد حضر أجلي". فبكيت، ثم أردف بقوله: "وإنك أول أهلى لحوقًا بي، نعم السلف أنا لك" فتبسمت. [متفق عليه]. إنها السيدة فاطمة الزهراء بنت النبي ( التي قالت فيها أم المؤمنين السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها-: "ما رأيت أحدًا من خلق اللَّه أشبه حديثًا ومشيًا برسول اللَّه من فاطمة" [الترمذي]. وأخبر النبي( أنها سيدة نساء أهل الجنة [الترمذى والحاكم]. وأخبر عنها النبي ( أنها واحدة من خير نساء العالمين. فقال: "خير نساء العالمين أربع: مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد" [ابن حجر في الإصابة]. وكان يقول عنها: "فاطمة بضعة مني، يؤذينى ما أذاها، ويريبنى ما رابها" [متفق عليه]. سُميت -رضى اللَّه عنها- فاطمة؛ لأن اللَّه تعالى قد فطمها وحفظها من النار، ولقبها النبي ( الزهراء ؛ فكانت ريحانته وأحب بناته إليه؛ لأنها أصغرهن وحافظة نسله (. وكان إذا دخل عليها النبي قامت له وقبلت يده وأجلسته مكانها، وإذا دخلت عليه ( أخذ بيدها وأجلسها بجواره، ورحب بها أيما ترحيب. وكان إذا قدم من غزو أو سفر يبدأ بالمسجد فيصلي، ثم يزور ابنته فاطمة الزهراء ثم يأتى أزواجه -رضوان اللَّه عليهن-. ولدت الزَّهراء قبل بعثة النبي ( وعمره حينئذ خمس وثلاثون سنة، وذلك في يوم التحكيم عند إعادة بناء الكعبة، يوم أخمد النبي ( بحكمته وفطنتة نار الحرب بين قبائل قريش المتنازعة حول من يضع الحجر الأسود المقدس في مكانه ؛ فقد بسط رداءه، ووضع فيه ذلك الحجر وطلب من زعماء القبائل أن يمسك كل منهم بطرف الرداء ثم وضعه بيده الشريفة في مكانه. وقد شهدت السيدة فاطمة منذ طفولتها أحداثًا جسامًا كثيرة، فقد كان النبي ( يصلى يومًا بالكعبة وبعض سفهاء قريش جالسون، فانبعث شقى من أشقياء القوم فأتى بأحشاء جزور فألقاها على رسول الله ( وهو ساجد، فلم يزل ساجدًا حتى جاءت فاطمة فأزالت عنه الأذى. كما كانت أم جميل - امرأة أبى لهب- تلقى الأقذار أمام بيته فيزيلها في هدوء ومعه فاطمة تحاول أن تعيد إلى المكان نظافته وطهارته. وقاست فاطمة -رضى الله عنها- عذاب الحصار الشديد الذي فرضه الكفار على المسلمين وبنى هاشم في شِعْب أبى طالب، وعانت من فراق أمها التي تركتها تعانى ألم الوحدة وحنين الذكريات بعد وفاتها. وهاجرت الزهراء إلى المدينة وهى في الثامنة عشرة من عمرها وكانت معها أم كلثوم، وكان ذلك في السنة الأولى من الهجرة. وفى السنة الثانية تقدم كبار الصحابة وعلى رأسهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضى اللَّه عنهما- للنبى ( يطلبون الزواج من السيدة فاطمة، لكن الرسول ( اعتذر لهم في رفق، ثم طلبها على بن أبى طالب -كرم اللَّه وجهه- فوافق النبي). وقد قَـدَّمَ عَلِـى مَهْرًا للسيدة فاطمة قدره أربعمائة وسبعون درهمًا، وكانت ثمنًا لدرع أهداها له الرسول ( يوم بدر، واشتراها منه "عثمان بن عفان" -رضى اللَّه عنه- بهذا الثمن، وكان جهازها خميلة، ووسادة من أدم حشوها ليف، ورحاءين، وسقاء، وجرتين. وفى يوم زواجها قدم النبي ( طبقًا مليئًا بالتمر لأصحابه وضيوفه الكرام، وفى ليلة البناء كان على قد وُفِّق إلى استئجار منزل خاص يستقبل فيه عروسه الزهراء بعد تجهيزها، وما كان حشو فراشهما ووسائدهما إلا الليف. وبعد صلاة العشاء توجه النبي ( إلى بيت الزوجية الجديد ودعا بماء فتوضئوا منه ثم دعا النبي ( لهما بقوله: "اللهم بارك فيهما وبارك عليهما، وبارك لهما في نسلهما، فتوضئوا" [ابن سعد]. وبعد عام سعيد مليء بالإيمان رزق اللَّه فاطمة -رضى اللَّه عنها- ابنها الحسن، فاستبشر النبي ( فيه خيرًا، ثم رُزقت من بعده ابنها الحسين، ثم ولد لهما محسن الذي توفى وهو صغير، ثم منَّ اللَّه على بيت النبوة بمولودتين جميلتين هما السيدة "زينب" والسيدة "أم كلثوم"، بنتا الإمام على والسيدة فاطمة -رضى اللَّه عنهم جميعًا-. وكانت السيدة فاطمة، وزوجها علي، وابناها الحسن والحسين -رضى الله عنهم- أعز الناس وأقربهم إلى النبي ( فقد ورد أنه لما نزل قول الله تعالي:(فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)[آل عمران: 61]. دعا رسول الله عليّا وفاطمة والحسن والحسين وقال: "اللهم هؤلاء أهلي" [مسلم]. وقال: "اللهم هؤلاء أهل بيتى وخاصتي، أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا" [الترمذي]. وكانت السيدة فاطمة -رضى الله عنها- تقوم على خدمة زوجها وأولادها، ورعاية البيت، فكان يصيبها التعب والمشقة، وقال عنها زوجها على بن أبى طالب: لقد تزوجتُ فاطمة وما لى ولها خادم غيرها، ولما زوجها رسول الله( أرسل معها بخميلة ووسادة أدم حشوها ليف، ورحاءين وسقاء وجرتين، فكانت تجرُّ بالرحاء حتى أثَّرت في يدها، واستقت بالقربة حتى أثَّرت القربة بنحرها، وكانت تنظف بيتها حتى تغبر ثيابها، وتوقد تحت القدر حتى دنست ثيابها. وكانت السيدة فاطمة -رضى اللَّه عنها- تشكو الضعف، وتشارك زوجها الفقر والتعب نتيجة للعمل الشاق الذي أثَّر في جسديهما. وعندما جاءت أباها لتطلب منه خادمة تساعدها في العمل لم تستطع أن تطلب ذلك استحياء منه، فتولى الإمام على عنها السؤال وهى مطرقة في استحياء. لكن الرسول ( قال لهما في رفق وهو يقدر حالهما: "ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أوتيما إلى فراشكما، أو أخذتما مضاجعكما، فكبِّرَا أربعًا وثلاثين، وسبِّحَا ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، فهذا خير لكما من خادم" [البخاري]. وبعد ستة أشهر من وفاة الرسول ( انتقلت السيدة فاطمة إلى جوار ربها، ودفنت بالبقيع في ليلة الثلاثاء، الثالث من رمضان، سنة إحدى عشرة من الهجرة، وكان عمرها ثمانية وعشرين عامًا.
المرضعة (حليمة السعدية) أرضعتْ رسول اللَّه (، وأتمتْ رضاعه حتى الفصال، وقد عرف النبي ( لها ذلك الجميل؛ فعن أبى الطفيل قوله: رأيت رسول اللَّه ( يقسِّم لحمًا بالجعرانة، فجاءته امرأة فبسط لها رداءه، فقلت: من هذه؟ فقالوا: أمه التي أرضعتْه. [الطبراني]. إنها السيدة حليمة بنت أبى ذؤيب عبد الله السعدية مرضعة النبي( . قدمت السيدة حليمة -رضى اللَّه عنها- مكة تلتمس طفلاً رضيعًا، وكانت تلك السنة مقحطة جافةً على قبيلتها -قبيلة بنى سعد- جعلت نساءها -ومنهن حليمة- يسعين وراء الرزق، فأتين مكة؛ حيث جرتْ العادة عند أهلها أن يدفعوا بصغارهم الرُّضَّع إلى من يكفلهم. وتروى لنا السيدة حليمة قصتها، فتقول: قدمتُ مكة فى نسوة من بنى سعد، نلتمس الرضعاء فى سنة شهباء (مجدبة) على أتان ضعيفة (أنثى الحمار) معى صبى وناقة مسنة. ووالله ما نمنا ليلتنا لشدة بكاء صبينا ذاك من ألم الجوع، ولا أجد فى ثديى ما يعينه، ولا فى ناقتنا ما يغذيه، فِسْرنا على ذلك حتى أتينا مكة، وكان الرَّكْبُ قد سبقنا إليها، فذهبتُ إلى رسول الله ( فأخذتُه، فما هو إلا أن أخذته فجئتُ به رحلي، حتى أقبل عَلى ثدياى بما شاء من لبن، وشرب أخوه حتى رَوِي، وقام زوجى إلى الناقة فوجدها حافلة باللبن؛ فحلب وشرب، ثم شربتُ حتى ارتوينا، فبتنا بخير ليلة، فقال لى زوجي: يا حليمة! واللَّه إنى لأراك قد أخذتِ نسمة مباركة، ألم ترى ما بتنا به الليلة من الخير والبركة حين أخذناه؟! كانت حليمة -رضى اللَّه عنها- أمينة على رسول اللَّه (، حانية عليه، ما فرَّقت يومًا بينه وبين أولادها من زوجها، وما أحس عندها رسول اللَّ ه ( شيئًا من هذا. وكان لها من زوجها الحارث بن عبد العزى أبناء، هم إخوة لرسول اللَّه ( من الرضاعة، وهم عبد اللَّه، وأنيسة، وحذافة (وهى الشيماء). وكان رسول اللَّه ( َيصِل حليمة، وُيْهِدى إليها، عِرْفانًا بحقها عليه؛ فقد عاش معها قرابة أربعة أعوام، تربى فيها على الأخلاق العربية، والمروءة، والشهامة، والصدق، والأمانة، ثم ردَّته إلى أمه السيدة آمنة بنت وهب، وعمره خمس سنوات وشهر واحد. وقد أحبها النبي ( حُبّا كبيرًا؛ حتى إنه لما أخبرته إحدى النساء بوفاتها -بعد فتح مكة- ذرفت عيناه بالدموع عليها.
عمة النبي (صفية بنت عبد المطلب) كانت -رضى الله عنها- صابرة محتسبة، راضية بقضاء الله، ترى كل مصيبة هينة -مهما عظمت- ما دامتْ فى سبيل الله. ففى غزوة أحد أقبلت لتنظر إلى أخيها حمزة الذي استشهد، فلقيها ابنها الزبير بن العوام فقال: أى أمه، رسول اللَّه ( يأمرك أن ترجعي، قالت: ولِمَ؟ وقد بلغنى أنه مُثِّل بأخي، وذلك فى اللَّه، فما أرضانا بما كان فى ذلك، لأصبرن وأحتسبن إن شاء اللَّه. فجاء الزبير فأخبر النبي ( فقال: "خلِّ سبيلها". فأتتْ إلى حمزة، واستغفرت له، ثم أمر النبي ( بدفنه. وكانت - رضى اللَّه عنها - مقاتلة شجاعة.فلما خرج ( إلى غزوة الخندق، جعل نساءه فى بيت لحسان بن ثابت، فجاء أحد اليهود، فرَقَى فوق الحصن حتى أطل على النساء، فقامت إليه صفية -رضى اللَّه عنها- فضربته وقطعت رأسه، ثم أخذتها، فألقتها على اليهود وهم خارج البيت، فقالوا: قد علمنا أن هذا -أى النبي (- لم يكن ليترك أهله، ليس معهم أحد يحميهم، فتفرقوا. إنها صفية بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، أمها بنت وهيب بن عبد مناف بن زُهرة بن كُلاب، وهى أخت حمزة لأمه، تزوجها فى الجاهلية الحارث بن حرب بن أُمية، فولدت له ولدًا، ثم تزوجها "العوام بن خويلد" فولدت له الزبير، والسائب، وعبد الكعبة، وأسلمت صفية، وبايعت النبي( وهاجرت إلى المدينة، وكانت من أوائل المهاجرات إلى المدينة، أسلمت مع ولدها الزبير، وقيل: مع أخيها حمزة. قالت عائشة: لما نزلت (وأنذر عشيرتك الأقربين)[الشعراء:142]، قام النبي ( فقال: "يا فاطمة بنت محمد، يا صفية بنت عبد المطلب، يا بنى عبد المطلب، لا أملك لكم من اللَّه شيئًا، سلونى من مالى ما شئتم" [مسلم، والنسائي، والترمذي، وأحمد]. ولما مات النبي ( رثته صفية بقولها: توفيت "صفية بنت عبد المطلب" سنة عشرين هجرية فى خلافة عمر بن الخطاب - رضى اللَّه عنه - وعندها بضع وسبعون سنة، ودفنت بالبقيع فى فناء دار المغيرة بن شعبة، وقد روت عن الرسول ( بعض الأحاديث، فرضى اللَّه عنها وأرضاها.
المؤازرة (أروى بنت عبد المطلب) دخل عليها ابنها طليب بن عمير -قبل إسلامها- فقال: يا أمى تبعتُ محمدًا وأسلمت للَّه. فقالت له: إن أحق من آزرت وعضدت ابن خالك، واللَّه لو كنا نقدر على ما يقدر عليه الرجال، لتبعناه ودافعنا عنه. فقال طليب: فما يمنعك يا أمى من أن تسلمى وتتبعيه، فقد أسلم أخوك حمزة؟ فقالت: أنظر ما يصنع أخواتى ثم أكون إحداهن. فقال طليب: فإنى أسألك بالله إلا أتيته، فسلمت عليه وصدقته، وشهدتِ أن لاإله إلا الله وأن محمدًا رسول الَّله. إنها "أروى بنت عبد المطلب بن هاشم" إحدى عمات النبي ( الست، كانت قبل إسلامها تعضده وتؤازره وتنصره. قال بعض المؤرخين: إنها أسلمت وهاجرت إلى المدينة، واستدلوا بما رُوِى أن أبا جهل -ومعه عدد من الكفار- اعترضوا النبي ( فآذوه، فعمد طليب بن عمير إلى أبى جهل فضربه ضربة شجه بها، فأخذوه وأوثقوه. فقام دونه أبو لهب حتى خلاه. فقيل لأروي: ألا ترين ابنك طليبًا قد صير نفسه غرضًا دون محمد؟ فقالت: خير أيامه يوم يذبُّ عن ابن خاله، وقد جاء بالحق من عند اللَّه. فقالوا: أوقد تبعتِ محمدًا؟ قالت: نعم. فخرج بعضهم إلى أبى لهب فأخبره، فأقبل حتى دخل عليها فقال: عجبًا لك ! ولاتباعِكِ محمدًا وتركِكِ دينَ عبد المطلب! فقالت: قد كان ذلك، فقم دون ابن أخيك واعضده وامنعه، فإن يظهر أمره، فأنت بالخيار أن تدخل معه أو تكون على دينك، وإن يُصَبْ، كنتَ قد أعذرت فى ابن أخيك. فقال أبو لهب: أَوَلَنَا طاقة بالعرب قاطبة، جاء بدِين مُحْدَثٍ، ثم انصرف. وظلت أرْوَى مؤازرة النبي ( ناصرة دينه. قالت ترثى النبي (: ألا يا رسولَ الله كنتَ رجاءنا وكُنْتَ بنا برّا ولم تَكُ جافيًا كانت أروى بنت عبد المطلب قد تزوجت عمير بن وهب فولدت له طليبًا، ثم تزوجت من بعده كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار فولدت له أروي. تُوُفِّيَتْ -رضى الله عنها- فى نحو سنة 15 من الهجرة.
المجيرة (أم هانئ) قال لها رسول اللَّه (: "قد أجرنا من أجرت، وأمَّنَّا من أمَّنت" [متفق عليه]. إنها ابنة عم النبي (، َتَرَّبتْ معه فى بيت أبيها أبى طالب، فكانت تُكِنّ له المودة التامة والحب الكثير، وكانت قبل إسلامها تدفع عنه أذى المشركين، وتنصره فى كل تحركاته فى سبيل اللَّه، وكان ( يصل فيها رحمه؛ فكان يزورها ويطمئن عليها. إنها أم هانئ فاختة بنت أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم، ابنة عم النبي ( وأخت الإمام على -رضى الله عنه-، وأمها: فاطمة بنت أسد -رضى الله عنها- . روى أنه لمّا عاد رسول الله ( من ثقيف (الطائف)، وكان حزينًا لإعراض أهلها عن دين اللَّه، توجه لزيارتها، ثم بات عندها، فكان ما كان من حادثة الإسراء والمعراج، فكانت أم هانئ تحدث بحديث الإسراء والمعراج، حتى قيل: ما ذكر الإسراء والمعراج إلا وذكر معه اسم أم هانئ. قالت أم هانئ -رضى الله عنها-: ما أُسرى برسول اللَّه ( إلا وهو فى بيتي، نام عندنا فى تلك الليلة، فصلى العشاء الآخرة، ثم نام ونمنا، فلما كان قبيل الفجر أيقظنا رسول اللَّه (، وقال: يا أم هانئ! لقد صلَّيتُ معكم العشاء الآخرة كما رأيتِ بهذا الوادي، ثم جئتُ بيت المقدس فصلَّيتُ فيه، ثم صليت صلاة الغداة معكم الآن كما تَرَيْنَ"، وقام ليخرج، فأخذت بطرف ردائه، فقلت له: إنى أذكرك الله، أنك تأتى قومك يكذبونك وينكرون مقالتك، قال: "واللَّه لأحدثنّهُمُوه"، وقلت لجارية لى حبشية: ويحك اتبعى رسول اللَّه( حتى تسمعى ما يقول للِناس، وما يقولون له. فلما خرج رسول اللَّه ( إلى الناس أخبرهم، فعجبوا، فذكر لهم دلائل وعلامات على صدق ما يقول. [ابن هشام]. وقد أسلمت أم هانئ يوم فتحت مكة، بينما فَرَّ زوجها هبيرة هاربًا، وقال فى ذلك شعرًا: لَعَمْرك ماولَّيْتُ ظهرى محمدًا وأصحابه جبنًا ولاخيفة القَتــلِ ولكنى قَلَّبتُ أمرى فلم أجد لسيفى غناءً إن ضُربتُ ولانبِْلي فلما علم النبي ( بأمرها وفرار زوجها هاربًا لايلوى على شيءٍ كارهًا أن يدخل فى دين اللَّه، تقدم إليها ليخطبها فقالت: واللَّه إنى كنت لأحبك فى الجاهلية فكيف فى الإسلام، ولكنى امرأة مُصبية (أى عندى صبيان) وأكره أن يؤذوك. فقال (: "نساء قريش خير نساء ركبن الإبل: أحناه على طفل، وأرعاه على زوج فى ذات يده" [البخاري]. وفى رواية أخرى أَنها قالت: يا رسول اللَّه! لأنتَ أحبُّ إلى من سَمْعِى وبَصَرِي، وحقُّ الزوج عظيم؛ فأخشى إن أقبلتُ على زوجى أن أضيع بعضَ شأنى وولدي، وإن أقبلتُ على وَلَدِى أن أضيع حق الزوج. وعن أم هانئ قالت: ذهبتُ إلى رسول الله ( يوم الفتح، فوجدتُُه يغتسل، وفاطمة تستره بثوب، فسلمتُ. فقال: "من هذه"؟ قلت: أنا أم هانئ بنت أبى طالب. فقال: "مرحبًا بأم هانئ". فلما فرغ من غسله، قام فصلى ثمان ركعات ملتحفًا فى ثوب واحد. فقلتُ: يا رسول الله، زعم ابن أمى -تعنى عليَّا- أنه قاتل رجلاً قد أجرتُه: فلان بن هبيرة. فقال (: "قد أجرْنا من أجرتِ يا أم هانئ" [متفق عليه]. وكانت -رضى الله عنها- قبل إسلامها زوجة لهبيرة بن أبى وَهْب بن عمرو المخزومي، وأنجبتْ منه: عمرة، وجعدة، وهانئًا، ويوسف، وطالبًا، وعقيلا، وجمانة. وقد تولى ابنها جعدة بن هبيرة ولاية خراسان فى عهد الإمام على -رضى الله عنه-. وقد روتْ عن النبي ( أحاديثَ، بلغت ستة وأربعين حديثًا. وتُوفيت أم هانئ -رضى الله عنها- سنة أربعين هجرية، وقيل: سنة خمسين هجرية.
أم الحبيب (أم أيمن) هى إحدى المهاجرات الأُوَل، كان رسول اللَّه ( يناديها: "يا أمَّه"، وكان إذا نظر إليها، يقول: "هذه بقية أهل بيتي" [ابن سعد والحاكم]. وكان النبي ( يزورها دائمًا، ويكرمها، ويقول عنها: "أم أيمن أمي، بعد أمي". وكانت هي سعيدة بهذا الأمر، وتعيشه كأنه حقيقة، فكانت تحنو عليه حنان الأم على ابنها، وتخشى عليه خشيتها، وتغضب أحيانًا عليه كما تغضب الأم، فعن أنس- رضى الله عنه - قال: انطلق بنا رسول الله ( إلى أم أيمن، فانطلقت معه، فناولته إناء فيه شراب. قال: فلا أدرى أصادفته صائمًا أو لم يُرِدْه، فجعلت تصخب عليه (تصرخ فيه) وتذمر عليه (تكلمه بحدة وغضب) وما كانت لتفعل ذلك مع رسول الله ( إلا وهو يعلم أنه بمثابة الابن، فهى قد حضنته وربته (. هذه أم أيمن -رضى الله عنها- أحاطت رسول الله ( بحبها ورعايتها، وكانت أمَّه صغيرًا وكبيرًا، فأكرمها اللَّه -سبحانه وتعالى- بفضله، وجزاها خيرًا على جميلها، وحفظها كما حفظت النبي (، فتروى لنا قصة هجرتها إلى المدينة، ومدى حماية الله تعالى لها، فتقول: خرجتُ مهاجرة من مكة إلى المدينة، وأنا ماشية على رجلي، وليس معى زاد، فعطشتُ وكنتُ صائمة، فأجهدنى العطش، فلما غابت الشمس إذا بإناء تعلّق عند رأسى مُدَلَّى برشاء (أى حبل) أبيض، فدنا منِّى حتى إذا كان بحيث أستمكن منه، تناولته فشربتُ منه، حتى رَويت، فكنتُ بعد ذلك - فى اليوم الحار - أطوف فى الشمس؛ كى أعطش فما عطشتُ بعدها. [ابن سعد]. لما توفى النبي ( قال أبو بكر الصديق لعمر بن الخطاب -رضى اللَّه عنهما-: انطلقْ بنا نزْر أم أيمن، كما كان رسول اللَّه ( يزورها، فلما دخلا عليها بكت. فقالا: مايبكيك، فما عند اللَّه خير لرسوله؟ قالت: أَبْكِى أنّ وحْى السماء انقطع، فهيَّجتهما على البكاء، فجعلتْ تبكى ويبكيان معها. [مسلم وابن ماجة]. إنها أم أيمن بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن، وكانت تعرف بالحبشية، وهى وصيفة (خادمة) عبد الله بن عبد المطلب والد النبي ( ، فلما مات صارت لزوجته آمنة بنت وهب أم النبي (، فظلّت تُكِنّ لها كل إخلاص ومحبة صادقة، وسافرت معها ومع ابنها محمد ( إلى يثرب لزيارة قبر زوجها عبد اللَّه، ولما عادوا مرضت أم النبي (، وماتت فى الطريق، فدفنتها أم أيمن فى مكان يعرف بالأبواء، وسط الصحراء فى الطريق بين مكة والمدينة، وحملتْ النبي ( إلى جده عبدالمطلب، وظلتْ تخدمه وتسهر على راحته؛ حتى تزوج ( السيدة خديجة بنت خويلد -رضى اللَّه عنها-، فانتقلت معه إلى منزلها، وكانت موضع احترامٍ وتقديرٍ منهما. وعندما تقدم إليها عبيد بن زيد من بنى الحارث بن الخزرج للزواج منها تكفلتْ السيدة خديجة بتجهيزها، وبعد عام من الزواج أنجبت منه ابنها (أيمن الذي تُكنى به دائمًا) وقد استشهد أيمن فى موقعة خيبر، ولما توفى عبيد بن زيد -زوج أم أيمن- تقدم "زيد بن حارثة" للزواج بالسيدة أم أيمن، وزاد من رغبته فيها قول الرسول (: "من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة، فليتزوج أم أيمن" [ابن سعد]، فولدتْ له "أُسامة بن زيد" حِبّ رسول اللَّه (. وهى إحدى المؤمنات المجاهدات اللاتى شاركن فى المعارك الإسلامية مع رسول الله (، فقد شهدت أُحدًا، وكانت تسقى المسلمين، وتداوى الجَرْحَي، وشهدت غزوة خيبر. وروت أم أيمن -رضى الله عنهـا- بعـضًا من أحاديــث رسول الله (. وتوفيت -رضى الله عنها- فى آخر خلافة عثمان بن عفان -رضى اللَّه عنه- ودفنت بالمدينة بعد أن تجاوزت التسعين من عمرها