لكل أمة أمثالها التي يتوارثها الناس ، فتدور على ألسنتهم ، وتنتقل فيما بينهم ، جيلاً بعد جيل ، ويلتمس منها الإقناع ، أو تأكيد موقف بعينه من قضية ما ، أو التعبير عن حالة نفسية . والأمثال هي حكمة الشعوب منذ أقدم العصور والأزمنة . كما أنها نتاج للتفكير السليم لجميع الصور ، جرت عملية إختزالها في صيغ مصغرة . ولأن الأمثال لها إيقاع ساحر ، يؤثر على اللب ، ويستحوذ على الفؤاد ، فقد أصبحت شعبية . ومن هنا يوصف المثل منها كثيراً بأنه "سائد" أو شعبي
أَشأَمُ مِنْ غُرَابِ الْبَيْن
للغراب حكايات كثيرة مع العرب ، الذين لطالما كانوا ولا يزالون يتشاءمون أو يتطيرون منه ولأنه كان لا يأتي منازلهم إلا إذا باتوا ، فسموه غراب البين ، ومن شدة تشاؤمهم بالغراب اشتقول من اسمه كلمات كثيرة كالغربة ، والأغتراب ، الغريب
أَخذَهُ بِرِمَِّتِه
كثيراً مانسمع كلمة برمته دون أن نعرف أصلها والرمة هي قطعة من الجبل بالية وحكاية هذا المثل تعود إلى أن رجلاً دفع إلى رجل بعيراً بحبل في عنقه فيقال دفعه إليه برمته وصارت مثلاً ومن ذلك الوقت أصبح يقال لكل من دفع شيئاً بجملته : دفعه إليه برمته وأخذه منه برمته .... وهكذا
أخُو الظَّلَماَء أعْشى باللَّيلِ
ويقال هذه المثل لمن يفقد القدرة على التفكير السليم فلا يستطيع إجتياز ما يقابل من عقبات أو أية مواقف عصيبة ، كما يعجز فاقد البصر عن أ، يرى البلاء ، ويضرب أيضاً لمن يخطىء حجته فلا يتمكن من الخروج مما وقع فيه ، وهذا المثل يشبه تماماً المثل الذي يقول فاقد الشيء لا يعطيه
أَلْقِ دَلْوَكَ فيِ الدَّلاَءِ
ويضرب هذا المثل في الحث على العمل وبذل الجهد للحصول على المنافع وقديماً قال الشاعر ( وليس الرزق عن طلب حثيث ) (ولكن ألق دلوك في الدلاء )*****وهذا أصل المثل
الإحسانْ يقَطَعْ اللِسانْ
وهذا المثل عربي في نفس المعنى يضرب في فضل هذه الخصلة الحميدة التي تجعل عدوك لا يستطيع مهاجمتك أو لومك لأن أحسانك إليه آخرسه ، وجعله يشعر بالخزي
إن البعوضةَ تُدمى جَبهةَ الأَسد
يضرب هذا المثل في الشيء القليل الشأن الذي يمكن ان يكون شديد الأثر ، أو ال**** من الأمور يلحق كبير الاذى والضرر بعظائم الأمور أو المرء الضعيف يقهر القوي الجبار وأول مرة ورد فيها هذا المثل كانت في بيت شعر لأحد شعراء العرب القدامي يقول
لا تحقرن صغيراً في مخاصمة إن البعوضة تدمي جبهة الأسد
أكَلتُمْ تَمْرِى وعَصَيْتُمْ أمْرِى
أول من قال هذا المثل هو عبد الله بن الزبير عندما تخلى عنه بعض رفاقه في مواجهته للحجاج بن يوسف الثقفي قبل أن يتمكن الأخير من قتله ، والتمثيل بجثته ويضرب المثل للناس التي تنكر الجميل وترد على حسن الصنيع بالجحود والإساءة
إنَّ الهَوىَ شَرِيكُ العَمَى
ويضرب للشخص الذي يعميه الحب عن رؤية الحقيقة ، أو تحول عدم واقعيته دون إدراك الأمور كما هي في الحقيقة وهذا المثل يشبه تماماً قول العرب الشائع " حبك الشىء يعمي ويصم
بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبى
هذا المثل الشائع يُضرب لكل ما جاوز الحد ، وزاد عن المعقول او خرج عن المألوف والزبى هي جمة زُبْيةَ ، وهي حفرة تحفر للأسد إذا أرادوا صيده ، وأصلها الرابية لا يَعلُوها الماء ، فإذا بلغها السيل كان جارفا
بِالرَّفاَءِ واَلَبِنينَ
المقصورد بكلمة " الرفاء والبنين " هو الألتحام" " والاتفاق " وهي من رفيت الثوب أي لحمت أجزاءه الممزقة . وقد حدث أن تزوج أحد العرب فقال له : بالرفاء والبنات والبنين لا البنات ، فبادر آخر بالرفاء والبنين فصارت مثلاً يراد به التمني للعروسين
ثاَرَ حاَبِلُهُم عَلَى ناَبِلِهِمْ
وهذا المثل يقال أحياناً بعبارة آخرى تقرأ " إختلط الحابل بالنابل " والحابل صاحب الحبالة والنابل صاحب النبل ويضرب هذا المثل في إختلاط الأمر ، وضياع الحقيقة
جزَاَءَ سِنِماَّر
سنمار رجل رومي نبي " الخورنق " وهو بناء رائع بالكوفة للنعمان بن إمرى القيس ، فلما أنتهى من البناء ألقاه النعمان من أعلاه ، فسقط على الأرض جثة هامدة ، وقال إنه فعل ذلك حتى لا يبني مثله لغيره ويضرب بهذا المثل للمرء يرد على الإحسان بالإساءة ويقول الشاعر القديم
جزَتَنْاَ بنو سَعْد بحُسْن فَعَاِلنَا جزَاَء سمنَّار وما كانَ ذَا ذَنْب
ويروي البعض أن سنمار عندما إنتهى من البناء قال للنعمان : إني لأعرف فيه حجراً لو نزع لأنهار من عند آخره فسأله عن الحجر ، فأراه موضعه ، فدفعه النعمان فسقط ومات