من بين عشرات الأنبياء الذين مروا بمصر أو نشأوا بها أو حتى توفوا فيها.. هناك رسولان فقط توجها برسالتهما إلى المصريين.
أولها إدريس عليه السلام والرسول الثانى قد يكون مجهول الاسم، وقد يكون اسمه حزقيل.. وكان الجامع الرئيسى بينهما هو السعى إلى مواجهة فساد الحكم، ومحاولة إصلاحه، صحيح أن موسى، وهارون عليهما السلام، تحديا فساد فرعون ولكن كانت رسالتهما الرئيسية "أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِى إِسْرَائِيلَ" كما جاء فى سورة الشعراء الأية 17، بعد أن مكثوا مائتين وعشر سنين ذاقوا فى نهايتها العذاب على يد فرعون والمصريين حيث كانوا يذكرونهم بعهد الهكسوس الذى تحالفوا فيه معهم ضد سكان هذا البلد.
وكلنا يعلم أن مصر كانت معبرا لعدد من الأنبياء على رأسهم إبراهيم - أبو الأنبياء - الذى أقام بين أهلها وتزوج هاجر المصرية التى أنجبت له إسماعيل أبو العرب، كما كان بمصر أرميا و لقمان، ويعرف بعضنا تفاصيل الرحلة المقدسة للمسيح وأمه فى مصر هربا من بطش الرومان فى فلسطين.
كما شهدت مصر مولد ونشأة عدد من الأنبياء منهم نبى الله دانيال ويوشع بن نون وذو الكفل أو "بشر"، وكليم الله موسى والذى يعنى اسمه بالمصرية "الوليد"، وأخيه هارون، كما توفيا بمصر التى شهدت قبل ذلك وفاة يعقوب الذى دفن فى فلسطين تنفيذا لوصيته كما مات فيها يوسف ونقله إخوته تنفيذا لوصيته ودفن بأرض الشام.
إلا أن نبى الله إدريس هو أول من بعث بأرض الكنانة، واستمر فيها داعيا إلى الله، إلا أن ملكها بما يمتلكه من جبروت وبطش وفساد سولت له نفسه محاولة قتل إدريس الذى خرج منها عشرين عاما ثم عاد بعد أن هلك هذا الملك الجبار وتولى الحكم رجل مؤمن حيث علم المصريين الكثير من العلوم وفنون الرى وغيرها.
أما الرسول الثانى فهو مؤمن آل فرعون الذى جاء ذكره فى مواضع عدة فى القرآن الكريم و قيل إن اسمه ربما يكون حزقيل، وفى دراسة قيمة للدكتور تمام حسان بعنوان "البيان فى روائع القرآن"، أثبت أن الرجل الثالث الذى عزز الله به رسالة موسى وهارون هو هذا الرسول الذى خرج من آل فرعون وكان يكتم إيمانه وهو ما جاء فى سورة يس- 14 "إذ أرسلنا اليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث" واستشهد د. تمام بسورة غافر آيات 38-40 التى أوردت منهج الرجل فى الدعوة إلى الله والتحذير من فساد آل فرعون وما يواجههم من مصير مشابه لقوم نوح وعاد وثمود.