[b][b]الجزء الاول
اعداد الفقير : محمود عبد المنعم
أولا : موجز تاريخ اليهود
قد يكون من المناسب سرد نسب اليهود - بني إسرائيل بداية من إبراهيم عليه
السلام أبو الانبياء فقد ولدت له هاجر إبنه إسماعيل عليه السلام ومنه تنحدر الاصول العربية
جميعا وولدت له سارة إبنه إسحاق عليه السلام الذي أنجب يعقوب عليه السلام
والذي سمي بعد ذلك إسرائيل وهو بمثابة الاب لليهود جميعا ولذا لزمتهم تسمية
بني إسرائيل وولد يعقوب - إسرائيل - عله السلام إثني عشر ولدا وهم الاسباط
وأسماؤهم كما يلي :
رأوبين - شمعون - لاوي - يهوذا - يساكر - زبولون - يوسف - بنيامين - دان -
نفتالي - جاد - أشير .
هؤلاء هم أسباط بني إسرائيل الاثني عشر
وإنتقل يعقوب وأبناؤه للعيش في مصر في عهد تولي يوسف عليه السلام لخزائن
مصر كما هو معروف وإستقروا بها إلي عهد موسي عليه السلام ونسبه :
موسي بن عمران بن قاهث بن عازر بن لاوي بن يعقوب - إسرائيل - بن إسحاق بن
إبراهيم أبو الانبياء عليه السلام
وخلال وجودهم في مصر ربطوا مصالهم بوجود حكام مصر من الهكسوس (2098 - 1587
ق.م.) وإتسع نفوذهم في مجالات مختلفة فلما إنتصر المصريون - الفراعنة -
علي الهكسوس نقـم الحكم المصري عليهم لتآمرهم علي المصريين فلما أحس بنو
إسرائيل بأن سلطانهم ونفوذهم زائـلا أخذوا بجمع الامال والإعداد للخروج من
مصر وكذلك كانت بداية مسلكهم في كل مكان وزمان فإنهم ماحلوا بأرض إلا
واشاعوا فيها الفساد
وفي هذه الاثناء وفي هذه الظروف من التوتر والاضطراب ولد موسي عليه السلام
وبعث رسولا الي بني إسرائيل يدعوهم فإصطدم بفرعون مصر منكرا رسالته ورافضا
لخروج بني إسرائيل من ارض مصر حتي لايلتقوا بأعداءه بالشمال ويتفقوا معهم
علي إيذاء المصريين
وتوالت الآيات من الله سبحانه وتعالي علي موسي لإجبار فرعون علي إطلاق بني
إسائيل فلم يستجب
وكان خروج موسي ببني إسرائيل من مصر علي قولين احدهما ان فرعون اذن في
خروج بني اسرائيل لإقامة شعائر عيد لهم والاخر انهم خرجوا سرا وسواء هذا ام
ذاك فإن فرعون حينما علم بهروبهم من مصر وخروجهم منها بصفة نهائية جمع جنده
وخرج جادا في طلبهم فلما كاد ان يلحق بهم لي البحر اوحي الله الي موسي بان
يضرب البحر فضربه بعصاه فإنشق ونجا بنو إسرائيل وغرق فرعون وجنوده
ولما وصل موسي وقومه الي جبل الطور تركهم للقاء ربه وتلقي الواح التوراة
فمكث علي الجبل اربعين ليلة وفي هذه الاثناء ( لما طال غياب موسي علي قومه
) صنع بنو إسرائيل عجلا ليعبدوه بظنهم فلما نزل موسي من الجبل ثار علي بني
اسرائيل لما صنعوا والقي الالواح واعلنهم بان الله لن يقبل توبتهم علي
فعلتهم هذه الا ان يتقاتل يتقاتل بني اسرائيل فيقاتل الذين امتنعوا عن عبادة
العجل الذين عبده واستجاب بنو اسرائيل لامر موسي وكثر القتل والدم وبعدها
اختار موسي قومه سبعين رجلا وقادهم الي جانب الطور الايمن ليعلنوا توبتهم
الي الله
وبداوا في استكمال طريقهم الي فلسطين والتي كان يسكنها في ذلك الوقت قوما
جبارين وقد شاع بينهم ماكان من بني اسرائيل في مصر فوقفوا يصدون بني
اسرائيل ويردونهم عن ارض فلسطين فامرهم موسي عليه السلام بالقتال فنكصوا
وامتنعوا عن القتال واتباع موسي عليه السلام فعاقبهم الله بالتيه في الصحراء
اربعين سنة
ومات هارون ومن بعده موسي في فترة التيه وتولي امر قيادة بني اسرائيل من
بعده يوشع بن نون وكان من المقربين الي موسي واختاره قائدا لبني اسرائيل
قبل وفاته
وفي عهد يوشع بن نون قاتل بنو اسرائيل اهل فلسطين من الكنعانيين وهزموهم
وقتلوا منهم من استطاعوا وسبوا من بقي من النساء وقيل ان عدد القتلي اثني
عشر الف ويعتقد ان هذا العدد مبالغ فيه
وقام يوشع بعد دخول فلسطين بتقسيمها بين الاسباط الاثني عشر ومنذ ذلك
الحين بدأت امة بني اسرائيل في الظهور علي ارض فلسطين وبعد وفاة يوشع بن نون
حكم بني اسرائيل عددا ممن اطلقوا عليهم لقب القضاة تاثرا بالحضارة
الكنعانية التي كانت بفلسطين وتاثروا ايضا بالمعتقدات الكنعانية فعبدوا الآلهة بعل
وتموز آلهه الكنعانيين واتخذوا اللغة الكنعانية لغة لهم وهجروا لغتهم
الاصلية وفي هذا العهد - عهد القضاة - والذي استمر مايقرب من اربعة قرون علي
حد قولهم فشل بنو اسرائيل في بناء دولة قوية لهم والمحافظة عليها الي ان
قام الفلسطينيون بلقائهم مرة اخري وهزيمتهم مرارا واستعادوا فلسطين من بني
اسرائيل واخذوا الواح العهد وذلك في عام 1050 ق.م.
فما كان من بني اسرائيل الا ان انهوا عهد القضاة هذا في عهد صموئيل الذي
نصب شاؤل ملكا علي بني اسرائيل ليكون اول ملك عليهم وشاؤل هذا هو ما يسميه
القرآن الكريم طالوت ومن بعده حكمهم داود عله السلام وكان ذلك بين عام
1004 - 960 ق.م.
وكان عهد داود عليه السلام بداية حقيقية لبني اسرائيل فكان عصر انتصارات
وفتوحات حتي انه اخضع القدس لملكه واخضع الموآبيين والادوميين والعمونيين
ومع ذلك فان الدولة علي حد قول بيولك كانت مائة وعشرون ميلا طولا وستين
ميلا عرضا واقل من ذلك في بعض الاحيان ولكن ذلك كان عملا جليلا في وقته لهذه
الجماعة من البشر
ومع ذلك فان التوراة تقرر ان عهد داود عليه السلام كان غارقا في الدماء
شديد القسوة ومن ذلك اخراجه لشعب عمون من ارضه ووضعهم تحت مناشير ونوارج
وفؤوس حديدية واخذ داود تاج ملك عمون عن راسه ووزنه قنطار من الذهب والحجر
الكريم ووضعه داود علي راسه
ونود ان نشير الي ان تاريخ بني اسرائيل والمدون في التوراة به الكثير من
الادعاءات والتحريفات والتي سنتبينها في حينها
وكانت مدة حكم داود عليه السلام اربعين سنة خلفه بعدها ابنه سليمان عليه
السلام
وبدا سليمان حكمه - علي حد قول التوراة - بقتل اخيه الاكبر ادونيا وقتل
يؤاب رئيس الجيش في عهد ابيه وعزل ابياثار الكاهن وفي هذه الفترة كانت مصر
وآشور في حالة من الاضطراب والارتباك مما سهل عليه البلوغ بمملكته اوج
ازدهارها واهتم سليمان بالبناء والتجارة فبني قصره في 13 سنة وبني الهيكل في 7
سنين واتخذ من مصاهرة الدول المجاورة سبيلا الي الاستقرار وتوسعة ملكه
ولكن الامر لم يدم طويلا ففي اواخر عهده استعاد اعداؤه بعض البقاع التي
كانت خاضعة لابيه داود واصبح ملكه لايعدو غرب الاردن فقط
وبموت سليمان انتهي عهد الوحدة وبدأ عهد الانقسام وأرجعت التوراة ذلك
نتيجة لبذخ سليمان وقسوته وتعدد زوجاته وخلافات بين اولاده
ونتيجة لذلك انقسمت المملكة الي مملكتين جنوبية واسمها يهوذا وعاصمتها
اورشليم وشمالية اسمها اسرائيل وعاصمتها شكيم وكان رحبعام بن سليمان ملكا علي
يهوذا ويربعام بن سليمان ملكا علي اسرائيل
ودب العداء بين الدولتين في سلسلة من الحروب والفتن واختلاف العقيدة مما
ادي الي ضعف الدولتين وسقوطهم في ايدي اعدائهم فسقطت اسرائيل في يد
الاشوريين وملكهم سرجون الثاني سنة 608 ق.م. وسقطت يهوذا في يد فرعون مصر ونهب ما
بها من كنوز واستمر في زحفه الي ان احتل اسرائيل وسلبها من يد الاشوريين
وثار لذلك ملك بابل نبوخنذنصر ( بختنصر ) والذي آل اليه سلطان الاشوريين
وزحف الي فلسطين مرة اخري وهزم فرعون مصر واستعاد مملكة اسرائيل واحتل يهوذا
ودمر ايضا معبد سليمان وانتهي بذلك ملك اليهود بفلسطين وفروا جميعا منها
ويعرف هذا بالاسر البابلي والتدمير الاول للمدينة والهيكل
وقد كانت مدة بني اسرائيل بفلسطين منذ دخول يوشع بن نون وحتي سقوط مملكة
يهوذا حوالي خمسة قرون وقد خلت فلسطين من اليهود تقريبا اثر الاسر البابلي
والتدمير الاول[/b][/b]
وحدث ان احتل قورش ملك الفرس بلاد بابل ومن ثم اصبح له السلطان علي ارض
فلسطين واطلق الفرس علي بني اسرائيل اسم اليهود وعلي ديانتهم اليهودية
وعرفوا بذلك الي اليوم والفرق بين اليهودي والاسرائيلي ان اليهودي هو من اتخذ
اليهودية ديانة له بغض النظر عن اصله ونسبه اما الاسرائيلي هو من كان
يهوديا ومن نسل يعقوب - اسرائيل - عليه السلام
وسمح قورش لليهود بالعودة الي فلسطين مرة اخري فعاد بعضهم الي فلسطين وبقي
الكثير بالعراق ومصر وبلاد اخري وقام من عاد منهم بإعدة بناء المدينة
المقدسة وبناء معبد صغير
وتعاقبت الدول والحكومات عليهم من فرس وبطالسة ومكابيون الي ان تدخل
الرومان في الصراع واحتلوا فلسطين سنة 63 ق.م. وفي عهدهم وفي سنة 70 م. دمر
الامبراطور تيطس الروماني المدينة واحرق الهيكل ومن بعده سنة 130 م. قام
الامبراطور ادريانوس الروماني بإزالة معالم المدينة والهيكل تماما وتخلص من
اليهود نهائيا بالقتل والتشريد واقام مكان الهيكل الها وثنيا باسم ( جوبيتار
) ودام هذا الامر الي ان قامت المسيحية وانتشرت واعلن دقلديانوس 282 - 305
م. المسيحية دينا رسميا للقدس واصبحت بذلك عاصمة مسيحية واصبح اعتناق
اليهودية جريمة ولاقي اليهود من الاضطهاد علي يد المسيحيين مالم يلاقوا من قبل
في أي عصر وفي عهد قسطنطين صدرت مجموعة قوانين قسطنطين وعقد صلح بين
الكنيسة والرومان يقضي بإعتبار اليهودية العدو الاول للمسيحية من الناحية
العقائدية والسياسية وصدر القرار التالي في سنة 315 م. -كما نقله د.كامل سعفان
- " ليعلم اليهود عامة انه بعد صدور هذا القانون يعاقب كل يهودي يتعرض
ليهودي آخر ترك ملته الي المسيحية بلإعدام حرقا هو ومن يعاونه او يحرضه
ويعاقب بنفس العقوبة كل مسيحي منحرف او أي فرد من افراد الشعب يعتنق اليهودية
الدنيئة "
كان هذا مثالا لردود افعال اتباع الدين المسيحي لمؤامرة اليهود على السيد
المسيح كما ورد في الانجيل بان الشعب اليهودي كله قد انساق خلف كهانه
وشيوخه في رفض كل ما هو متعلق بالمسيح عليه السلام حتي انهم قاموا بصلب المسيح
كما هو معتقد لدي اتباع الديانة المسيحية
وهكذا استفحل العداء بين اليهود والمسيحيين واستمر الحال باليهود في تشريد
واضطهاد حينا وحينما تسنح الفرصة يبدا اليهود في التآمر وخلق الفتن والقتل
وظل الامر كذلك بين اليهود والمسيحيين الي يومنا هذا
ومع ظهور الاسلام اخذ اليهود يتتبعون اخبار الدعوة الجديدة ووقفوا منها
موقف المستطلع المتوجس ودفعهم ذلك الي سؤال رسول الاسلام صلي الله عليه وسلم
اسئلة ليعلموا صدق رسالته وهم في هذه الاثناء يعلمون انه الرسول الحق
بعلامات يعرفونها وما انكروا دعوته صلي الله عليه وسلم الا كبرا وعنادا حيث
كانوا يظنون ان خاتم الانبياء والمرسلين يكون من بني اسرائيل ويدل علي ذلك
قولهم للعرب " ان نبيا قد اطل زمانه نتبعه ونقتلكم به قتل عاد وارم " وغير
ذلك من الشواهد والتي كانوا يعلمونها
وما لبث اليهود ان اخذوا في اثارة الفتن والمؤامرات لإجهاد الدعوة
الاسلامية في مهدها ولما فشلوا في ذلك لجأ بعضهم الي الدخول في الاسلام ظاهرا
ليطعنوا في الاسلام بإسم المسلمين وليعلموا من اخبارهم
ولما استفحل امرهم وزادوا في تحالفهم مع اعداء الاسلام علي الرغم من ابرام
الرسول معاهدات صداقة ومودة معهم اتجه رسول الله الي خيبر حيث كانوا
وفتحها وعندها طلب اليهود من رسول الله حقن الدماء فأجابهم الي ذلك وعاملهم
بالحسني وعند ذلك لم تصبح لليهود في ارض الاسلام قوة تذكر فمن بقي منهم في
ارض الاسلام ظلوا علي حالهم في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم وخليفته
الاول ابي بكر الصديق وفي عهد عمر بن الخطاب وحين تسلمه بيت المقدس من
البطريك صفرونيوس اشترط الاخير منع اليهود من الاقامة بالمدينة المقدسة ولكن
عمر بن الخطاب ابي ذلك وانهي عهد استبداد المسيحيين باليهود
وما لبث اليهود ان استعادوا نشاطهم من جديد ومرة اخري الي المؤامرات
والفتن واستمر هذا حالهم طوال الدولة الاسلامية وفي ظل الديانة الاسلامية وظلت
حرية اليهود والمسيحيين لاتنتقص ولايستبد احدهم الآخر وما كان ذلك إلا لان
الدين الاسلامي يامر بالدعوة اليه بالحكمة والموعظة الحسنة فإن كان بها
وإلا فحرية الدين والعقيدة وليس لإحد ان يرغم آخر علي الدخول في الاسلام
ولكن الارغام علي ان يتبع كل انسان مايرغب من العقيدة بحرية تامة ولذا كانت
الحروب الاسلامية لفرض حرية العقيدة وليس لفرض عقيدة بعينها ويظهر هذا جليا
في كافة النصوص القرآنية واحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم
ومما يذكر ان اليهود - كعادتهم مع الانبياء جميعا - حاولوا قتل رسول الله
صلي الله عليه وسلم اكثر من مرة احداها بإلقاء صخرة كبيرة عليه حيث يجلس
وقام بهذه المؤامرة عمرو بن جحاش ومرة اخري قامت بها زينب بنت الحارث زوجة
سلام بن مشكم حين قدمت له صلي الله عله وسلم شاة مسمومة لياكل منها
وبعد فهذه نبذة مختصرة عن تاريخ اليهود في الماضي .