نافذة الإسلام الصحيح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نافذة الإسلام الصحيح

صحيح الدين الاسلامى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
الى كل مصرى مصر امانة فى رقبتك الى يوم الدين حافظ عليها ---- لا للعنف --- لا للصراع --- مصر فوق الجميع---كن مع رئيسك  ومع مصر فى ازمتها------ سجل زوار الموقع http://www.arabgb.com/gb.php?id=34303&a=show

 

 نكرر للاهمية -عبد الحق غيدردوني - عالم فلكي- فرنسا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
sayed
مدير عام الموقع
مدير عام الموقع
sayed


المساهمات : 699
تاريخ التسجيل : 12/10/2013

نكرر للاهمية -عبد الحق غيدردوني - عالم فلكي- فرنسا Empty
مُساهمةموضوع: نكرر للاهمية -عبد الحق غيدردوني - عالم فلكي- فرنسا   نكرر للاهمية -عبد الحق غيدردوني - عالم فلكي- فرنسا I_icon_minitimeالجمعة نوفمبر 15, 2013 10:12 am

لماذا اعتنق الإسلام أبرز علماء الفلك في فرنسا

بسم الله الرحمن الرحيم
ملخص لقاء معه في قناة الجزيرة
إعداد وتنسيق : ( الأستاذ يحيى فتلون ) .
عبد الحق غيدردوني الذي كان اسمه برينوه غيدردوني .
- عالم فلكي- فرنسا
نكرر للاهمية -عبد الحق غيدردوني - عالم فلكي- فرنسا 7272958
د. برونو غيدردوني، أو عبد الحق كما يسمي نفسه، مدير المرصد الفلكي في فرنسا ومدير أبحاث شؤون الكواكب والمجرات في المركز القومي للبحوث العلمية. تخصصه الرئيسي هو تكوين وتطور المجرات، نُشر له 100 بحث، وقد قام بإعداد عدد من المؤتمرات الدولية حول هذا الموضوع. يُعتبر غيدردوني أحد الخبراء ذوي المرجعية عن الإسلام في فرنسا، وقد نُشر له خمسون بحثًا في علم الكلام والتصوف. وما بين عامي 1993-1999 كان يدير برنامجًا للتلفزيون الفرنسي بعنوان "معرفة الإسلام"، وهو الآن رئيس المؤسسة الإسلامية للدراسات العليا المتطورة.
له أهم المراصد الفلكية لمدينة ليون الفرنسية
فإن عرَّفناه بالعِلم فهو أحد أبرز علماء الفلك والفضاء في فرنسا وإن عرَّفناه بالتقوى فهو الذي حاول أن يجد قواسم مشتركة بين الدين الإسلامي والعلم واعتنق الإسلام،

برينوه غيدردوني أو عبد الحق غيدردوني


يقول عن نفسه : تعلمت العربية بمفردي أولَ الأمر , ثم درستُها لاحقًا في دورات جامعية , ثم على الأخص حين اللقاء ببعض الإخوان الذين ساعدوني تدريجيًا على إجادة اللفظ , وبالطبع فإن معرفتي باللغة العربية تقتصر على أداء الصلاة وتجويد القرآن , لكنني غير قادر على الكلام بطلاقة ، على أي حال يقال أحيانًا إن الغربيين أمثالي الذين يتعلمون العربية للصلاة إنما يتعلمون لغةَ القرآن , ولا يعرفون اللغة الدارجة , لذلك هم غير قادرين على التكلم مع أهلها . وآمل أن أعيش يوما ما في بلد عربي فترة كافية كي أتمكن من مزاولة اللغة لأتمكن على الأخص من إجادة لفظ لغة القرآن بأفضل طريقة .
وأنا كثير الأشغال إذ تقع على عاتقي مسؤوليات مهنية مهمة , فأنا أدير مرصدًا فلكيًا , مما يعني أنه عليّ تنظيمَ الكثير من الاجتماعات ومساعدةَ فرق البحث في مشاريعهم ومقابلةَ الطلاب ، كل هذا يترك لي وقتا قصيرًا جدًا للقيام بأعمالي الشخصية والقراءة , لكنني أجيد تنظيم وقتي للقيام بالأبحاث العلمية , كما في مجال تشكل المجرات وخصوصا قراءة النصوص القرآنية وكذلك كتب المفكرين الكبار في الإسلام , سواء أولئك الذين كتبوا خلال فترة العصور الوسطى في الغرب أو أولئك الكتَّاب المعاصرون ، لكن عليّ أيضا إيجاد الوقت لأعمالي الشخصية ككتابة المقالات وتحضير المؤتمرات , ويُطلب منِّي السفر كثيرًا حول العالم لتقديم نظرة للإسلام يُوَفِّقُ فيها المرء بين جذوره والعالم المعاصر بما يحمله من تقنية وعلوم , لذلك أظن أن هذه المهمة تقع على عاتقي خلال القرن الحادي والعشرين .
يقول الحديث إن كل إنسان يولد مسلمًا , ومن ثَمَّ يصبح إما يهوديًا أو مسيحيًا بحسب رغبة والدَيْه ، بالنسبة لي لم أُولد في كَنَفِ الديانة ، أنا أحد أولئك الأطفال الذين وُلدوا في الغرب دون أية ديانة حولهم , فالغرب يفقد تَدَيُّنَهُ شيئًا فشيئًا على مر السنين ، لكن سرعان ما بدأت أطرح أسئلة دينية , وخلال مراهقتي حاولت كثيرًا الإجابةَ على هذه الأسئلة , ولم يكن ذلك سهلاً ، وحدث ذلك خلال المراهقة ،كنت في سن السادسَ عشرةَ أو السابعَ عشرةَ ، لذلك بدأت أقرأ الكتب , وسرعان ما أدركت أنه عليّ أن أسير على درب الإسلام . كما أدركت أن ذلك الانجذابَ الذي ينتابني تُجاه الكون الغامض , والذي ظهر على هيئة البحوث والدراسات العلمية يجب أن يظهر أيضًا من خلال البحث عن الله , وكان إدراكي هذا قاسيًا وعنيفًا جدًا , ففي الغرب لا يحب الناس الكلام كثيرًا عن الله .
لم يثقفني والداي دينيًا , لكنهما أعطياني نوعًا من الثقافة حول الدين , وبالأخص علَّماني أن أبقى منفتحَ الذهن مما سمح لي بالبحث بنفسي عن سبل المعرفة , تعرفت على الإسلام وتعرفتَ على الأديان الأخرى من خلال الإسلام وبعد كل تلك القراءات قلت لنفسي إنه أمر الله ، الإسلام يناديني ولذلك السببِ ذهبتُ لأعيش في المغرب طوال عامين , لكن لأسباب معقولة - لعلها نابعة من العناية الإلهية - اعتنقت الإسلام في هذا المكان قبل رحلتي الشهيرة إلى المملكة المغربية .
ثم بعد عودتي إلى أوروبا قابلتُ فيها غربيين اعتنقوا الإسلام وكانوا قد سلكوا طريقًا مشابهًا لطريقي , وفي قلب هذه الفئة اعتنقت الإسلام وبدأت أستكشف شيئًا فشيئًا مكانًا اعتبرتُه أرضيَ الأم ، فاللافت حين اعتناق الإسلام هو أننا نشعر وكأننا نعود إلى الوطن , وأننا نرجع مجددًا إلى الفطرة , أي الطبيعةِ الروحيةِ الأساسيةِ التي خلق فيها الله سيدَنا آدم عليه السلام , وهو شعور قوي جدًا ، لا نشعر بالصعوبة في اعتناق الإسلام , لكن الصعوبات تأتي لاحقًا فالحياة الروحية وفق الدين حياة صعبة أحيانًا ، لكن في لحظة اعتناق الإسلام ينتابنا شعور بأننا نعود إلى أرض خُلقت لتلائمنا .
ومن خلال القراءة تأثرت بالإسلام وبالعالم المسلم , فإنه بالنسبة للغربيين لا بد من المرور بالعقل للوصول إلى القلب ، ثَمَّةَ أناس كثيرون درسوا مناهجَ مشابهةً لمنهجي , وكانوا بحاجة للقراءة ولفهم الأمور قبل أن تنفتح قلوبهم أمام حقيقة تتجاوز الكتب ، فالكتب تحمل كمًّا من الحقائق , لكن الحقيقة المطلقة تتجاوز بكثير ما تحتويه الكتب ، أثرت فيّ بعض الكتب بشدة , وأََوَدُّ أن أقدِّم عرفاني لكاتب محدد هو "رينيه غينوه" , وفي الإسلام هناك "عبد الوحيد يحيى" , وهو كاتب من النصف الأول من القرن العشرين وُلد في الغرب ، كان مسيحيًا ثم أسلم , كما حقق الكثير روحيًا , فهو لم يبق في الغرب , فقد ذهب ليعيش في القاهرة في مصر وهناك تُوفي ودُفن ، بالنسبة لنا وضعنا مختلف , فالعالم الإسلامي قد توسع نوعًا ما إذ توجد في أوروبا مساجدُ ومجتمعاتٌ مسلمةٌ , توجد أمة قائمة هنا على الأرض الأوروبية , وهكذا لم يعد من الضروري العودة إلى البلاد الإسلامية الأولى كي نكون مسلمين , ولعل الله يريدنا أن نبقى هنا حتى وإن كنا أقليةً كي نشهد وننشر رسالةَ الإسلام في عالم نسِي قسمٌ كبيرٌ منه الدينَ .

كان غيدردوني يستخدم كلمة "نحن" حين يتحدث عن الإسلام والمسلمين , فهو وضعَ نفسَه منذ أكثرَ من خمسةَ عشرَ عامًا في الطرف المسلم , وصار ينشر فكر الإسلام في الغرب , وبَيْنَ منصبِ مدير الأبحاث لعلوم الفلك في باريس حيث أبدع , وموقع مدير المرصد الفلكي الفرنسي في مدينة ليون حيث لمع ، اكتشف برينوه غيدردوني أن عظمة الكون وروعة الخلق وأنظمة الطبيعة لا تفسَّر بالعلم والعلوم فقط , فاتجه نحو الإسلام واتخذ لنفسه اسم عبد الحق ، لم يتجه إلى الدين وإلى الله للابتعاد عن العلوم وإنما للبحث عن تلك القواسم المشتركة بين الدين والعلوم ، بين الفيزيائي والماورائي لتفسير دقة تنظيم هذا الكون .
ولذلك يقول : بالنسبة لي يجب التوفيق نوعًا ما بين المقاربتين ، فالنصوص المقدسة التي أحترمُها وأحبُّها وأعزُّها والمعرفة التي أحصل عليها بفضل نعمةٍ أنعم بها الله عليّ , فالله يأمرنا أن نراقب العالم فهو لم يخلقه بلا سبب (( رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً )) كما ورد في الآية القرآنية , وهنالك مغزًى لخلق العالم , فكما نقرأ هناك أدلةٌ تشير إلى الله وإلى رسالة الله في النصوص القرآنية , فإننا نقرأ أيضًا رسالةً من الله في الآيات التي تشع عبر العالم الرائع , والتي تعلمنا أمورًا أخرى عن الخلق , والفكرة كلها تتمثل في العثور على ذلك الاتصال كما قال ابن رشد ، الصلة بين أسلوبيّ ظهور الله , أي بين نزول القرآن وخلق العالم , وهي أيضًا طريقةٌ يكلمنا الله من خلالها .

إيماني بالإسلام هو دعوة لاكتساب المعرفة ، إنه كالمهماز فهو ما يدفعني كي أفتح النوافذ في الصباح للنظر إلى أشجار هذا المنتزه ورؤية الأشياء الجميلة ، فمن خلاله أرى النور الذي وضعه الله فيها , وهذه دعوة لاكتساب المعرفة الأساسية ، لكن لا بديل لله بالنسبة لنا , فهو يأمرنا بدراسة ظواهر العالم بالاكتشاف وبالنظر إلى صغائر الأمور وكبائرها كي نكتسب المعرفة , وندرك شيئًا فشيئًا أنه خلف كل العظمة والجمال والتناغم في العالم هناك يدُ الخالق , وعلاقة الدين بهذا هي أنه يُعَلِّمُ الإنسانَ ما كان يجهله , كما تقول الكلمات الأولى في القرآن , وما لا يستطيع الإنسان معرفتَه من تلقاء ذاته هو جوهر الأشياء , أي أسماؤها , فالأسماء هي ما تعطي للأشياء جوهرَها ، جميع الأسماء التي علَّمَها اللهُ لسيدنا آدم عليه السلام والتي كانت الملائكة نفسها تجهلها ، هذا ما يُعَلِّمُنا إياه اللهُ , وجوهر الأشياء هذا نجده في الآخرة , فهدف الوحي الرئيسي هو الخلاص وتخليص الإنسان , وإلا سيبقى مخلوقًا عاديًا كسائر الحيوانات , بينما هو في الحقيقة موعودٌ بشيء عظيم بمعرفة الله وبتأمل وجهِهِ , وهو أحد الألغاز الكبيرة التي تكتنف نصَّ القرآن , والذي لا نعرف عنه الشيء الكثير , ولن نعرف حتى نحصل على الخلاص , وهكذا فإن الأمر الإلهي يحثنا على تفحص الكون , فهذا ما تُمْليه علينا منزلتُنا كبشر أن نكتشف العالم وأن نتفاعل معه ومع المجتمع لخير الجميع , وفي الوقت نفسه يعلمنا النص القرآني الكثيرَ عن أنفسنا والعالم وجوهرِ الإنسان في العالم , وهو الجوهر الذي يتعلق بشيء آخر وهو لقاءُ وجهِ الله وسرُّ الخلاص والجنةُ ويومُ الحساب ِ والجحيمُ بالنسبة للمذنبين , وهذا شيء لا يستطيع الإنسان معرفتَه بمفرده ، إذا أخذنا النص القرآني على أنه يُعَلِّمُنا عن الحقيقة الميتافيزيقية عن حقيقة تتجاوز ببساطة وصفَ العالم , وإنما تضع هذا العالم كما نراه في مجمل أكثرَ اتساعًا , فمن الواضح أن التواصل بين العلم والدين يصبح أسهل ، فالنص القرآني ليس كتابًا علميًا بل هو كتاب معرفة , وأقصد أنه ليس كتابًا علميًا بالمعنى المنهجي , فهو لا يخبرنا عن طريقة انتقال الضوء أو كيف تنتقل الكواكب حول الشمس , أو ما هي الحرارة التي يغلي عندها الماء , فهذه الأمور نستطيع اكتشافها بأنفسنا .
إن العلم أو الدينَ وتحديدًا القرآنَ يتكاملان , ولكن في حال حصول تناقض بين الجانبين فيما يبدو ظاهريًا فقد طرح الغزالي وابنُ رشد هذا السؤال من زمن بعيد , لكنهما أعطيا إجابتين مختلفتين , فالغزالي قال إنه إنْ طرأ تناقضٌ بين العلم والدين فالعلماء هم المخطئون , وعليهم مراجعة حساباتهم ، ابحثوا جيدًا وستجدون أنه لا يوجد تناقض ، هذا ما كان يقوله الغزالي ، أما ابن رشد فقد قال شيئًا مختلفًا ، قال إنْ كان هناك تناقض بين العلم والدين فيجب أن ندرك أنه يجب تأويل الدين بحسب قول ابن رشد , إذًا قال : إنه يجب تأويلُ الدين وإلا فإننا ننقل عن الله كلامًا خاطئًا ، طبعاً يمكن أن تحدث تناقضات واضحة لكنني أظن أن الإنسان المسلم يؤمن في الأساس بأن ما وراء هذه التناقضات الواضحة هنالك حقيقة واحدة , فكما أن اللهَ واحدٌ فإن الحقيقة واحدة , وببساطة قد لا تظهر لنا هذه الحقيقة على نحو مباشر , بل بأسلوب غير مباشر من خلال التناقض بين رسالتي العلم والدين , وأحيانًا قد لا يكون حَلُّ هذا التناقض سهلاً , لكنْ أظن أنه يجب تقبل هذا التناقض مؤقتًا مع الإبقاء على نوع من التَّوَتُّرِ , ولكنه توتر بنَّاء كساقين تسمحان لنا بالتقدم بدلاً من محاولة حل هذه التناقضات بأسلوب تلفيقي بفرض أفكار الدين على العلم أو بالعكس بفرض أفكار العلم على الدين ، أعتقد أن هذين التيارين خطيران وهما موجودان في الغرب وفي العالم الإسلامي , وسبب خطورتهما هي أنهما يُفْقِران المعارفَ والروحَ البشرية , وبرأيي يجب أن نتعايش مع التناقضات أحيانًا ونحاول التقدم على المسارين بانتظار اللحظة التي تحل فيها هذه التناقضات الظاهرية .
يذكر عبد الحق غيدردوني الغزالي ، ابنُ رشد , ابنُ عربي ، أسماءً كثيرة لفلاسفة ومتصوفين كان يستشهد بهم لإسناد أفكاره وتوضيحاته , وهو يتبع طريقة صوفية , وأُعْجِبَ بابن عربي لاعتباره أنه عرف كيف يعطي العلم والدين والفلسفة أبعادًا هامة للإنسانية , واللافت في تجربة هذا العالم الفرنسي هو اعتناقه الإسلام وتعلقه به , ونجاحه في الجمع بين مهامه العلمية وحياته الدينية , فهو وبالإضافة لكونه عالِمَ فيزياءٍ وفلك وفضاء تولى إدارة وحدة الأبحاث الفيزيائية والفلكية والمجرات بالمركز القومي للبحوث العلمية في فرنسا , وأصبح مديرًا للمعهد العالي للدراسات الإسلامية , وأسس مع عدد من رفاقه العلماءِ والفلاسفةِ ورجالِ الفكر شبكةَ الأبحاث لدراسة علاقة العلم والدين في الإسلام , وهنا وقرب هذا المسبار الفلكي الكبير يعيش اليوم عبد الحق غيدردوني في المرصد الفلكي الذي يديره والذي يُعْتَبَرُ أحدَ أهم المراصد الفلكية في العالم .
فهو يقول :نحاول أن نفهم كيف تشكلت المجرات وعند خروج الكون من مرحلة الانفجار الكبير أو ( Bang Big ) حينما كانت المادة ما تزال ساخنةً ومنتشرةً ثم شيئًا فشيئًا , وبسبب قوة الجاذبية , بدأت المادة في الكون تتجمع لتشكل النجوم وربما الكواكب , وهذه هي العملية التي نحاول فهمها ، لا نحاول فهمها عن طريق الحواسب فقط من خلال القيام بمحاكاة رقمية بل نريد أيضًا أن نراقبها ، ستسألني كيف يمكن مراقبة شيءٍ حدث منذ زمن سحيق ربما عشرةِ أو خمسةَ عشرَ مليارِ سنة ؟ لكن هذا أمر ممكن في علم الفلك المعاصر لأن الضوء يتحرك بسرعة محددة , لذا فعندما ننظر إلى المجرات البعيدة جدًا عنا فإننا نراها كما كانت في الماضي ، إذ يجب أخذُ زمن تحرك الضوء في الكون بعين الاعتبار ، صحيح أنه ينتقل بسرعة كبيرة ثلاثمائةِ ألفِ كيلو متر في الثانية , لكن الأجرام السماوية بعيدة لدرجة أن ضوءها يحتاج ملياراتِ السنينَ كي يصلَنا ، لذا فحينما ننظر إلى المجرات البعيدة جدًا فإننا نراها كما كانت قبل مليار أو مليارين من السنين بعد الـ(Big Bang) عندما بدأت تتشكل , ولهذا الغرض نستخدم تليسكوبات أكبرَ بكثير من هذا الذي تراه هنا ، أما قطر التليسكوب التي يستخدمها باحثو الفضاء للتدقيق في تخوم الكون فيبلغ عشرةَ أمتار , أي أن قوتها أكبرُ بألف ضعف من قوة التليسكوب الموجود هنا .
وأنا مختص وأرجو أن أكون على مستوًى عالمي في تكون المجرات , وقد عملت جاهدًا منذ عشر سنين على أول نموذج يُظْهِر تكونَ المجرات , وهو أول فهم لدينا لتكوُّن المجـرات , وهو ما نسميه النموذجَ الهرمي لتكوُّن المجرات ، أدركنا شيئًا فشيئًا أنا وزملاءُ آخرون نعمل معًا أن المجرات تتكون تباعًا , وأن المجرات الصغيرة كانت أولى المجرات التي تكونت في بدايات الكون , وأن المجرات الكبيرة تتكون من تجمع المجرات الصغيرة , وبالتعاون مع بعض الزملاء على المستوى العالمي من أميركيين وإنجليز وفرنسيين عملنا كي نحسب هذه العملية باستخدام الحواسب الضخمة .
وتوصلنا إلى نتيجة معينة في هذا المجال , فخلال بضعِ سنينَ اهتز فهمنا لعملية تكون المجرات بِرُمَّتِهِ ، كانت الفكرة أن هناك كرةً غازية كبيرة انخسفت على نفسها ثم تفككت لتصبح نجومًا ، على العكس تتشكل المجرات الصغرى أولا والمجرات الكبيرة من اجتماع المجرات الصغيرة ، كما أدركنا سبب وجود نوعين من المجرات في الكون ، هناك مجرات على شكل قرص ونسميها المجرات اللَّوْلبية , وهناك مجرات لها شكل كرة القدم ونسميها المجرات الإهليلجية ، تتشكل المجرات أحيانًا ببساطة بسبب انخساف الغاز لِيكوِّن مجرةً على شكل قرص ، لكن عندما تلتقي هذه الأقراص ضمن عملية التجمع فإنها تشكل المجرات الإهليلجية , وهكذا فهمنا تدريجيًا اختلافَ الأشكال التي تَمَكَّنَّا من مراقبتها , وقد تم هذا التقدم خلال السنوات الأخيرة .
ويجب أن ندرك أننا لا نستطيع أن نرى سوى منطقة صغيرة من الكون , وهي ما نسميه "الكون المرئي" , وللسبب الذي ذكرته لك قبل قليل فإن عُمْر الكون خمسةَ عشرَ مليارَ سنة , والأجرام الأبعد عنا قد أصدرت ضوءها لكنه لم يصل بعد ، لذلك لا نرى من حولنا سوى ما يوجد على بُعد خمسة عشر مليار سنة ضوئية داخل الكرة , أي المسافة التي يقطعها الضوء خلال خمسة عشر مليار سنة أي عمر الكون , وفيما وراء ذلك لا نعرف شيئًا عنه , ربما هناك مجراتٌ على الأرجح لكن لا يمكننا رؤيتُها , والسؤال الآن هو : ما الذي يمكننا مراقبته ضمن الكون المرئي بواسطة التلسكوبات ؟ باستخدام التلسكوبات الحديثة نعرف اليوم أن هناك أكثرَ من مائة مليار مجرة في الكون , وكل منها يحوي مائة مليار نجم ، إذاً فعدد النجوم في الكون المرئي هو عشرة آلاف مليار مليار نجمة , ربما 10% منها لديها كواكب تدور حولها , وشمسنا لديها تسعة كواكب تدور حولها , تخيل العدد الهائل من الكواكب التي يحتمل وجودها في الكون .
وهل سنكتشف يومًا ما حياةً على كواكب أخرى ؟ هذا سؤال مهم جدًا في علم الفلك , وهو ثاني أهم سؤال بعد مسألة تكون المجرات ، نود أن نعرف إن كان في هذه الكواكب العديدة التي تدور حول النجوم إن كان فيها نمط من الحياة ولو كان بدائيًا , وهنا توجد إجابتان , الأولى : من علماء الفلك الذين يقولون إن عدد النجوم هائل ، هناك عشرة آلاف مليار مليار نجم في الكون , وربما هناك كواكب تدور حول جميع هذه النجوم ، لابد أن توجد الحياة في مكان ما ، ربما الحياة والتي هي عملية جاءت من عناصر كيميائية قد وصلت إلى أماكن أخرى . ثم هناك علماء الأحياء : وهم أكثر تشاؤمًا فنحن ما زلنا نجهل تمامًا كيف ظهرت الحياة ؟ وهم يقولون إنهم لا يدرون ، ربما الحياة هي مصادفة حدثت وقد لا تتكرر ثانية , ولن أخفي عليك أنني متفائل وأعتقد أن الحياة موجودة على كواكب أخرى , وهذا أمر نابع من إيماني , إذ أنني أرى اتساع الكون ، فنحن أول جيل تكوّن لديه فكرة عن حجم الكون , ويجب أن ندرك أنه خلال الفترة الكلاسيكية عشنا جميعًا يهودًا ومسيحيين ومسلمين مع بطليموس وأرسطو , وكان عالم الفلك العربي الفرعاني قد قاس المسافة التي تفصل الأرض عن عرش الله , أي المسافة التي تفصل الأرض عن تخوم الكون التي تحددها النجوم الثابتة , وقد حدد المسافة حينئذ بمائة وعشرين مليون كيلو متر , أي أن قطر الكون يبلغ مائة وعشرين مليون كيلو متر مع الأخذ بالاعتبار عدد الكواكب التي كانوا يعرفونها حينئذ , واليوم فجأة أصبح الكون شاسعًا على نحو لا يصدَّق , فالكون المرئي ضخم جدًا ويحوي مليارات النجوم ، إن الله لم يخلق كل هذا عبثًا وهذا سبب لتسبيحه وتمجيده ، لوجود حياة وربما عاقلة على كواكب أخرى تمجد وتسبح الله بدورها .
وعن الدور الذي قدمه الفلاسفة المسلمون والعلماء المسلمون والعرب إلى العلم , وانتقل إلى الغرب بشكل عام ، وبفضلهم تطور العلم الغربي يقول :
بدأنا تَوًّا بإعادة تقدير دور العلماء المسلمين في تاريخ العلم , فطوال القرن التاسع عشر أعاد الغرب كتابة تاريخ العلم بما ينفع مصلحته بادعائه أنه لم يكن هناك أي شيء مثيرٍ للاهتمام قبل عصر النهضة ولا حتى في العصور الوسطى في الغرب ، ففي عصر النهضة بدأ كل شيء , وندرك الآن أن هذا ليس صحيحًا ، فقد حدثت أمور كثيرة خلال العصور القديمة وكذلك في العالم العربي المسلم عندما جمع المسلمون من الحقبتين الأموية والعباسية وهم على رأس إمبراطورية هائلة تغطي ثقافات متعددة ، جمعوا جميع النصوص العلمية من جميع الثقافات اليونانية والفارسية والهندية وغيرها ليضعوا ملخصًا للعلوم في ذلك العصر , وأيضا كي يوسِّعوا هذا الملخص من خلال بحوثهم العلمية الخاصة , حدث ذلك في علم النباتات والطب والفيزياء والرياضيات وعلى وجه الخصوص في علم الفلك مع تنقيح نموذج بطليموس من العصور الوسطى , وأيضا مع التفكير بحدود هذا النموذج والبحث عن نماذج قد تكون أفضل في تحديد مواقع الكواكب ، إذًا فقد قام المسلمون بالكثير خلال تلك الحقبة بالإضافة بالطبع إلى المسيحيين واليهود الذين كانوا يعملون معهم , فهذا مشروع عالمي مشترك , وحتى في ذلك الوقت كانت بغداد أهم مدينة في العالم مع مليوني نسمة , ونرى نماذج صُنعت على شكل بغداد في العالم القديم كله , من فنلندا إلى جنوب إفريقيا وحتى الصين ، كانت مدينة تقيم علاقات تجارية مع مجمل العالم القديم في تلك الفترة ، لقد كان ذلك أمرًا يمكن مقارنته بما نعيشه اليوم مع عولمة الحداثة ، إذًا فقد حَسَّنَ هؤلاء العلماء المسلمون ذلك النموذج , وصنعوا الأدوات كالاسطرلاب الذي خدم أيضًا في تحديد مواعيد الصلاة , لكنها آلة فلكية في الأساس , كما أعطوا للنجوم أسماءً وحددوا مواقع للمجموعات الفلكية في السماء ، كل هذا الإرث انتقل فيما بعد إلى الغرب عن طريق ترجمات جرت في إسبانيا .
ومن الصعب التعمق أكثرَ فيما توصل إليه العالم الفرنسي المعتنق الإسلام عبد الحق غيدردوني , فهو في اكتشافاته العلمية وصل إلى نتائج باهرة رغم عمره الصغير نسبيًا حيث إنه مولود عام /1958/ وحصل على أبرز الجوائز العلمية , وهو يقول ، إن مشكلة المسلمين والعالم الإسلامي هي الابتعاد عن العلم حيث إن العلوم التي كانت جزءًا أساسيًا من حضارة المسلمين والعرب وتاريخهم صارت اليوم شيئًا من الكماليات عندهم , وكأنها هي فقط لرجال الاختصاص , ولذلك فإن غيدردوني يتمنى تسهيل الحصول على العلوم في المدارس وتشجيع الطلاب على التلقي مجددًا مع هذه المجالات العلمية .
وعن العلاقة بين الدين والعلوم إذ أن بعض العلماء يلجؤون إلى الدين لأنهم لا يجدون إجاباتٍ لأسئلتهم العلمية في الفيزياء فقط يقول : أنا لا يجب أن أقول إن الله موجود فقط عندما يستعصي علينا فهم شيءٍ ما لأن الله موجود في كل مكان ، فهو موجود عندما نفهم كل شيء وعندما لا نفهم كل شيء . يقول السكسونيون عن هذا : الله يملأ ثقوب معرفتنا ، لا أظن أن ذلك متطابقٌ مع الحقيقة , بالمقابل فإن الأمر الأكيد هو أنه طرأت تبدلات جوهرية على العلم في القرن العشرين ، فقد أظهر العلم بشهادة العلماء أنه محدود , ففي القرن التاسع عشر كان الناس يظنون أن العلم يستطيع تفسير كل شيء ، أما في القرن العشرين فهم يرون من داخل العلم أمثلة على أنه غير قادر على تفسير كل شيء , وأن له حدودًا , وهذه الحدود تظهر في الرياضيات والفيزياء وعلم الفلك وغيرها , وهذا ما يدفعنا للتساؤل عن طبيعة المعرفة نفسها , وأنا كمؤمن فإن هذا يدلني على شيء ما , فالله يحاول أن يشدني إليه , وهو يجعلنا ندرك أن اكتسابنا للمعرفة مستمر , وأنه لن ينتهي أبدًا مما يدفعنا للبحث عن أنماط أخرى من المعرفة , وهي ليست معارفَ تحليلية كما في العلوم , بل هي جوهرية , والمعارف الدينية هي بالطبع جوهرية , فالله واحد بالتأكيد , وكل المعارف التي نستطيع الحصول عليها يمكن اختصارها بالشهادة : لا إله إلا الله محمد رسول الله , ويجب أن نفهم جيدًا معنى ذلك .
وقد نشر برينوه غيدردوني حتى الآن أكثر من ثمانين بحثًا علميًا , ونشر عبد الحق غيدردوني أكثرَ من ثلاثين بحثًا عن الإسلام والتصوف , لا بل إنه تولى الإشراف على برنامج تلفزيوني فرنسي بعنوان "معرفة الإسلام" , واستمر ستَّ سنوات بتقديمه , وكان هدفه في أبحاثه وبرنامجه التلفزيوني ومحاضراته العلمية نشرَ الصورة الحقيقية للإسلام , وفيما كان الكثير من المسلمين والعرب يخطبون وُدَّ أميركا أو يهابونها بعد الاعتداءات الشهيرة عليها , كان عبد الحق غيدردوني أولَ مسلم يحاضر في عقر دار أميركا عن الإسلام والمسلمين ساعيًا لتحسين صورة أُرِيدَ لها أن تَتَشَوَّهَ بسبب عمليات وُصفت بالإرهاب .
فهو يقول : تمت دعوتي إلى مناظرة بين العلم والدين في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2001 وهي مناظرة يتم تنظيمها منذ مدة من الزمن , وبالطبع طُرحت مسألة استمرار هذه المناظرة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول المأساوية ، فقد كان الناس ما يزالون خائفين من السفر بالطائرات بعد التفجيرات الإرهابية , لكن المناظرة جرت لأنه يجب المحافظة على الحوار قائمًا بين تلك الأحداث الرهيبة التي جعلت الجميعَ يخافون الجميعَ ، ذهبتُ إلى هناك وطُلب منِّي التكلمُ , وربما بسبب ما أتصف به من قلة الوعي حاولت أن أُظهر إيماني , وقلت إننا سنتجاوز هذه الأحداث , وأن صِدامَ الحضارات ليس ضروريًا ، إذ أننا سنعرف لحظات صعبة , ولكننا كمسلمين ويهود ومسيحيين وغربيين وعرب وجميعِ الآخرين سنتمكن من بناء رؤية للمستقبل , وكنت قد عنونت مداخلتي ببذور للمستقبل ، ما هي البذور التي نستطيع أن نبذرها ؟
العلم بالطبع إرث بشري مشترك ونستطيع أن نبني شيئًا عليه , كما نستطيع أن نبني الحوار بين الأديان , فهذا الحوار يشكل جزءًا من الدين الإسلامي , فالرسول صلى الله عليه وسلم قاد الحوار بين الأديان , ويجب علينا أن نحذو حذوه ونتابع على هذا الطريق , وأود أن أذكر حادثة من القرآن تؤثر فيّ بشدة , وأقرؤها دائمًا بكل سرور , وهي حينما يحتج إبليس أمام الله ويطلب منه مهلة كي يثبت أن آدم عليه السلام لا يستحق الثقة , فيمنحه الله مهلة لأن الله هو المؤمن , ويمكن أن نطرح السؤال , بمن يؤمن الله ؟ مَن هذا الذي أعطاه الله الأمانة ؟ وبالطبع الجواب هو الإنسان ، الله يثق بالإنسان ويعتقد أنه قادر على إنجاز المهمة التي وضعه على الأرض من أجلها , وكان إبليس مقتنعًا بالعكس , وهكذا أنهيت مداخلتي بقولي : هل نثق بالإنسان كما يثق الله فينا ؟ واتضح أن أجهزة الإعلام في الولايات المتحدة أخذت هذه الرسالة وأشارت إلى أنه إن لزم أخذ عبارة واحدة من هذا المؤتمر فستكون عبارة عالم فيزياء مسلم من أصل فرنسي قد تساءل إن كنا نثق بالإنسان كما يثق الله بنا عندما أوكل إلينا مهمة خلافته على الأرض ، كان ذلك مؤثرًا جدًا فقد كان هذا المؤتمر يضم أشخاصًا حائزين على جائزة نوبل وأشخاصًا لهم مكانتهم , ولكن في النهاية فإن الصحافة الأميركية أشارت بالتحديد إلى عبارة واحدة وهي عبارة من الثقافة الإسلامية وقد أثر فيّ ذلك كثيرًا .
هناك سؤال أساسي مطروح حاليًا على المستوى الدولي : كنا نتحدث في القرن الثاني عشرَ عن علماء المسلمين والعرب ، كنا نتحدث عن الغزالي ، عن ابن رشد وغيرهم ، الآن نتحدث عن أسامة بن لادن وكأنه هو الممثل الوحيد لهذا العالم الإسلامي , أولا يعني أن الأميركي ربما يكون على حق في الخوف من هذا العالم الإسلامي ، لماذا وصلنا إلى هذه الدرجة برأيك كعالم وأيضا كرجل دين له علاقة بالعالم الإسلامي وبالطقوس الإسلامية وبالممارسات الإسلامية والعربية ؟
فيجيب عبد الحق غيدردوني: إنها مشكلة كبيرة , وفي الحقيقة لا نعرف إجابة على هذا السؤال , لكن يجب أن ندرك أن المجتمعات عمومًا في العالم ليست في أفضل أحوالها , فالمجتمعات في الغرب تعاني أيضًا من عدم وجود مغزًى للحياة وتحديدًا في أوروبا حيث لا يرون المستقبل ، لا نعرف ماذا سيفعل أولادنا مستقبلاً ؟ وبماذا سيؤمنون ؟ فلم تعد هناك قيم أو قيم بديلة للنجاح الفوري في مجتمع استهلاكي ، إذًا ما الذي يحدث في العالم الإسلامي ؟ في الواقع يبدو لي أن فقدان البعد الفكري والمعرفي شيئًا فشيئًا مسؤولٌ عن الوضع الذي نحن فيه اليوم ، بالطبع يمكن أن نجد الكثير من الأسباب التي تعود لأحداث تاريخية , يمكننا ذكر الاستعمار والاستقلال اللذين لم يتم استغلالهما جيدًا ، يمكننا ذكر عدم التكافؤ في تقاسم الثروات , ويمكننا الحديث عن أن الغرب غالبًا ما كان واقفًا مترقبًا يأخذ ثروات دول العالم الثالث بما فيها الثروات البشرية ليحقق تطوره الخاص ، لكنني أظن أن المهمة الأساسية بالنسبة للثقافة الإسلامية هي العثور على الدعوة إلى المعرفة التي تميزها , ويبدو لي أن الكلمة الأساسية في الثقافة الإسلامية هي العلم , ولا يجب البحث فقط في المجالات العلمية بل في مجمل مجالات المعارف بما يتناسب مع عدة أحاديث للرسول صلى الله عليه وسلم ، يجب أن نستعيد البعد المعرفي الذي نسيناه , وهو ما كنا مشهورين به خلال العصور الوسطى في أوروبا أو فترة الإسلام الكبرى أيام الخلفاء الأمويين والعباسيين عندما جمعنا كل مجالات المعارف من أصول يونانية وفارسية أو هندية كي يظهر التوحيد في قمة الهرم , وكل الأمور يمكن أن تجد مكانها الصحيح في هذا التوحيد , فتلتقي مع بعضها بدلاً من أن يناقض بعضها البعض الآخر ، في تلك الفترة كان هناك إيمان حقيقي وثقة بالتوحيد , وقد فقدنا نوعًا ما هذا البعد ، إذ نرى اليوم عالَمًا إسلاميًا مُفَتَّتًا كما فقدنا البعد التوحيدي للمعرفة , ونحن نرى العلم من جهة ونرى الدين من جهة أخرى , ونرى فورًا التناقض بينهما , بينما في الفترة الكلاسيكية الكبرى كان الناس يرون إمكانية جمع كل شيء في الله ضمن مفهوم التوحيد , والفظيع في الأمر هو أننا توقفنا عن تدريس العلوم في المدارس الدينية , فقد قلصنا قيمة المدرسة , وحصرنا عملها بتعليم أحد فروع العلم ,رغم أنه فرع أساسي أي النص القرآني, بينما كان يجب توسيع المدارس لتشمل جميع فروع العلم كما كان الوضع خلال فترة الإسلام الكبرى .
ولما سئل لماذا اعتنقتَ الإسلام وليس أيَّ دينِ آخر ؟ وهل وجدتَ فيه ما لم تجدْه في الديانات الأخرى مثلاً اليهودية أو المسيحية ؟ قال :
هناك إجابتان على السؤال ، الأولى هي بالقول هذا أمر الله ففي الواقع قد نعطي إجابات مختلفة لكننا ندرك أن الله يقودنا من أيدينا ، إنه موجود ويوجهنا وهو مَن يقرر , لذلك فهذا لغز ، لكنني سأعطيك إجابة ثانية , فالإسلام يتمتع بقدرة على الجذب لم تتأثر بشيء , فهو لا يزال كما كان عليه حالُه وقتَ نزول الوحي ، رغم الانتقادات ورغم الانحراف الذي تحدثنا عنه قبل قليل , فإن الإسلام ما يزال موجودًا في نور الوحي , ولا يمكننا إلا أن نتأثر بهذا النور , وفي الواقع فإن الإسلام وهو آخر الديانات السماوية يظهر على هيئة وعاء يتلقى جميع الذين هووا من الديانات الأخرى , وهو آخر ديانة أو آخر فرصة أعطاها الله للبشر ليتمكنوا من سلوك الصراط المستقيم , وبالنسبة للغربيين فاعتناق الإسلام سهلٌ للغاية , إذ يكفي أن نتقدم خطوة ، نحن جميعًا مسيحيون في الغرب رغم أن الكثيرين لم يعودوا متدينين , والإسلام فعلاً يشكل الخطوةَ التاليةَ , كما أن الإسلام يعترف بالديانات التي سبقته , ويعترف بالأنبياء السابقين , ويعترف بظهور المسيح رغم أنه يقول عنه أشياء تختلف عما يقوله الدين المسيحي ، لذلك نجد في الإسلام عالَمًا مألوفًا وفي الوقت نفسه نراه مختلفًا , فهناك تلك الدعوة إلى اكتساب المعرفة وهي ميزة خاصة بالإسلام من خلالها نرى دعوة لعيش حياة هادفة من خلال البحث عن المعرفة .
إن العالم الفرنسي المسلم عبد الحق غيدردوني شارك في العديد من النشاطات والتظاهرات والمعاهد الإسلامية أو العلمية التي تقرب العلوم من الإسلام , أو تبحث عن فضائل الإسلام على العلوم , وهو يتولى منصب مدير المعهد الإسلامي للدراسات العليا , وقد تم تأسيس هذا المعهد عام /1994/ رغم أن فكرة إنشائه تعود إلى عام /1985/ وبرينوه غيدردوني أعطى لابنه اسمًا عربيًا هو "كريم" , وأقنع زوجته باعتناق الإسلام رغم أنها باريسية المنشأ ومتخصصة بالأدب الفرنسي , وزوجته التي أتقنت علم إنشاء المواقع المعلوماتية على الإنترنت تساعده حاليًا على نشر أفكاره حول الإسلام والعلم عبر هذه الشبكة , وأما ابنه كريم فهو - ورغم صغر سنه - فإنه بدأ باكرًا بتعلم اللغة العربية وتعاليم الإسلام , وصار يهتم بالفضاء والفلك والنجوم تمامًا كوالده , ولما سئل عما إذا كان فرض على زوجته الإسلام بعد الزواج أم أنها هي التي اقتنعت باعتناقه ؟ قال :
لم تكن مجبَرة على اعتناق الإسلام , فقد كانت مسيحيةً ويمكن للمرء المسلم أن يتزوج من مسيحية حسب الشريعة , لكنني حينما اصطحبتُها إلى الكنيسة كي أجعلها تدرك منهجي الروحي , وكي تهتم بديانتها أيضا , اعتنقت الإسلام , وهنا أيضا أقول أمر الله ، إذًا اعتنقت الإسلام قبل زواجنا , وقد وُلد ابننا مسلمًا وهو جزء من أولئك المسلمين من أصل غربي , فأنا وزوجتي قد وُلدنا من سلالة وُلِدَ جميعُ أفرادها في أوروبا , وهذا هو الجيل الجديد الذي يولد وهو مسلم , وهنا يُطرح تساؤلٌ عن مستقبل هذه الجماعات المسلمة ، لكن هذا يُثْبِتُ أن الإسلام غير مقيد بمكان جغرافي بل هو دعوة يمكن لجميع الثقافات والشعوب أن تتبناها , فهو بالطبع رسالة عالمية .
إن عالم الفيزياء والفلك الفرنسي المسلم عبد الحق غيدردوني يفتخر بثنائية انتمائه إلى فرنسا والعالم الإسلامي , وهو يعتبر نفسه حاملاً رسالةَ إعادةِ الاعتبار لصورة الإسلام التي تشوهت كثيرًا في الغرب , وهو ينوي تأسيسَ معهد للعلوم الإسلامية والعلوم التطبيقية إلى جانب مسجد مدينة "ليون" الشهير , ولكن المشروع بحاجة إلى دعم مالي لم يتوفر حتى الآن بعدُ .فهو يقول :
غالبًا ما آتي إلى هنا أولاً لأداء الصلاة خاصة أيام الجمعة , وكلما حَظِيتُ بفرصة لذلك ، لكنْ أيضًا لدينا هنا مشاريعُ مسجد "ليون" وأنا أدير معهدًا يُسمى معهدَ الدراسات الإسلامية العليا , وقد تم تأسيسُه قبل اثنتي عشرةَ سنة , ويضم عددًا من المثقفين المسلمين من أصل غربي , يجتمعون لمناقشة وجود الإسلام في أوروبا , ولمحاولة المشاركة فيما يسمى "الإسلام للقرن الحادي والعشرين" في فرنسا وإيطاليا وبلدان أخرى من أوروبا , وقد عقدنا شراكةً مع مسجد "ليون" لتطوير مشروعِ مركزٍ ثقافيٍّ سيتم بناؤه هنا بالقرب من المسجد , ويمكن له أن يشاع في هذه المنطقة وحتى أبعد على المستويين الوطني والعالمي حتى يقدم الإسلامَ للجمهور الغربي , ولتحضير رجال الدين المسلمين الذين نحتاج إليهم هنا في أوروبا ، ما نريد بناءه هنا بجانب المسجد في "ليون" هو مركز ثقافي ومركز تأهيل ودراسة يسمح بتأهيل المسلمين طوالَ حياتهم , ويسمح كذلك للغربيين من غير المسلمين باكتشاف روحانية الإسلام , وأخيرًا مركزٌ يستطيع أن يناقش القضايا المهمةَ لوجود الإسلام في أوروبا , وللتفاعل مع الحداثة والتفاعل بين الإيمان والعقل وما بين الدين والمعارف العلمية , وهذه قضايا مهمة جدًا في القرن الحادي والعشرين .
وهكذا يُعِدُّ غيدردوني حاليًّا كتابًا عن الروحانية في الإسلام , وهذا العالِم الفرنسي في شؤون الفيزياء وعلم الفلك والذي اعتنق الإسلام وأسمى نفسه عبد الحق لأنه يريد البحثَ عن الحق والدفاعَ عنه ، ومن يدري لعله بفضل أمثاله قد يبقى التاريخ العربي والإسلامي حاضرًا في الغرب بينما الأصحابُ الحقيقيون لهذا الحق يكتفون بالتغني بالتاريخ والعيش على أطلاله .
انتهى .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moslmoon.rigala.net
 
نكرر للاهمية -عبد الحق غيدردوني - عالم فلكي- فرنسا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كم من عالم أسلم بعد رأيته لمعجزات الخالق
» جاك كوستو عالم البحار الفرنسي : القرآن يقوم وحده

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نافذة الإسلام الصحيح :: علماء اسلموا-
انتقل الى: