sayed مدير عام الموقع
المساهمات : 699 تاريخ التسجيل : 12/10/2013
| موضوع: الفراغ الديني أسبابه وعلاجه الخميس أكتوبر 31, 2013 9:11 am | |
| الفراغ الديني أسبابه وعلاجه كتبه / محمد لبيبأخطر فراغ في حياة الإنسان هو الفراغ الديني, فالقلب إذا فرغ من العقيدة فسد كل شيء في الإنسان وإذا أقصى الدين عن التوجه فإن النفس البشرية تضيع في خضم المبادئ الوافدة والشهوات المُلحة.ولابد من انصراف الناس عن الدين من أسباب:منها:- (1) عزلة الإسلام عن قيادة الحياة العامة:-كان الإسلام راسخاً في كيان المسلمين الأوائل, لأنه كان نظاماً حياً يحكم الجماعة في شتى أنشطتها, وبذلك عاش سلفُنا في جو إسلامي بحت, الحكم فيه لشرع الله, والاقتصاد محكوم بشرع الله, والأسرة تعيش بمقتضى شرع الله, فالمسلم أينما توجه لا يجد أمامه إلا طريقاً واحداً, هو طريق الإسلام, وحكماً واحداً هو حكمه, وكانت الحدود تشكل قوة ردع شديدة تمنع الجريمة, فعاش المجتمع في أمن وأمان, ومما لاشك فيه أن تمثل الإسلام في جماعة هو أعظم دعوة ودعاية له, فأما إذا لم يتمثل في جماعة فإن الناس بين أمرين:-أحدهما: إما أنه لا يمكن تمثله في مجتمع لمثاليته كما قال بعض المستشرقين عن الإسلام.ثانيهما: وإما لأن الجماعة لا تقدر على تطبيقه وتحمل تبعات نظام يقوم عليه وكما قيل: ليس من عادة البشرية أن تستجيب لمنهج مقروء أو مسموع ما لم يتمثل في صورة (مجتمع) يعيش بهذا المنهج, ويعيش له, ويتمثل فيه خصائصه ومزاياه وألف كتاب عن الإسلام, وألف خطبة, وألف فيلم في الدعاية للإسلام, وألف بعثة كل أولئك لا يغني غناء مجتمع صغير يقوم في ركن من أركان الأرض يعيش بمنهج الإسلام, ولمنهج الإسلام, ويتمثل فيه صورة الحياة في الإسلام.وأعداء الإسلام يعرفون هذه الحقيقة جيداً, لذا فهم لا يسمحون أبداً بما لديهم من سلطات عالمية ضخمة بقيام مجتمع إسلامي في ركن من أركان الأرض, ولو في جزيرة.(2) قلة الدراسات الدينية المخلصة الجادة:-كثير من الدراسات يبدو فيها التعجل في الوقت, والسطحية في المعلومات, وقد كان سلفنا يمضي الواحد منهم خمسة عشر عاماً يؤلف كتاباً واحداً, لذا فإن الكتاب كان يأتي بصورة كاملة, أو أقرب إلى الكمال, أما الآن فهناك سباق في الكتابة حول موضوعات استهلكت في الكتابة, أو نشر الكتاب الواحد تحت عناوين مختلفة, فأحد الكتاب يستخرج من فقه السنة, فقه السنة للنساء, وفقه السنة للشباب, وفقه السنة للأطفال, وتفسير القرآن للشباب, وتفسير القرآن للأطفال, وتفسير القرآن للنساء, وما الجديد؟! وما الإضافة؟! لاجديد سوى العناوين . (3) فقدان القدوة الحسنة:-من أبرز أسباب الإصلاح تلقى الخلف عن سلفه, أو الصديق عن صديقه, أو الجار عن جاره بعض ما هو عليه من صفات حسنة, فالأخلاق تنتقل كما تنتقل الأمراض بالعدوى, ومن أبرز أسباب فساد الناشئة ولهوهم وانصرافهم عن الدين سوء القدوة. والواقع أن كثيراً من الآباء لا يواظبون على إقامة الشعائر الدينية أو جزء منها في بيوتهم, ولا يمسكون المصحف أو كتاب السنة, أو بعض كتب العلم الديني أمام أبنائهم, ولهذا لا يجد الأبناء التشجيع الكافي على العبادة والتعلم وحسن الخلق والقراءة, وبالإضافة إلى ما يمارسه بعض الآباء من انحرافات تتعلق بالتدخين, أو الرشوة, أو الاستغلال...إلخ.وقد قيل: عمل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل, وأن صلاح المؤمن هو أبلغ خطبة تدعو الناس إلى الإيمان والأخلاق, والخلق الفاضل هو الذى يجذب الأفئدة ويجمع القلوب, وإذا نكب الدين بكثير من مصطنعي التدين فإن المجال واسع لشيوع الفسوق وقد يدفع هذا إلى إشاعة الثقة بالكفار, وقلة الثقة بالمسلمين, وهى ظاهرة أتت من إساءة المسلمين أنواع المعاملة رغم مظاهر التدين في كثير من الفاسدين. (4) قلة الاهتمام بتدريس الدين:-لتدريس الدين حصص, وفي آخر العام امتحانات في كثير من البلدان الإسلامية وكان المؤمل من وراء هذه الجهود أن يكون وعيٌ ديني بالإسلام ما هو؟ ما مزاياه؟ وما هي أهم الشبهات المثارة حوله؟ ومتي تخرج الناشئة من إطار التدين الحق فيصبح لدى الشباب حصانة قوية ليثبتوا بها أمام الماديات والأهواء والإغراءات؟ ولكن الواقع مخالف لذلك ومازال نصيب الدين من الحصص قليلاً يستهين به المدرس والطالب وربما انصرفوا عنها إلى لعب الكرة أو إلى منازلهم, وعادة تكون آخر اليوم الدراسي. (5) عدم توافر الداعية الكفء في المساجد:-من الحقائق الناصعة أن المنابر هي أوسع الصحف انتشاراً, فمن يستمعون إلى خطبة الجمعة أكثر ممن يقرأون الجرائد ويسمعون الراديو ويشاهدون التليفزيون, فسماع الخطبة يشترك فيه العالم والجاهل, والصغير والكبير, والرجل والمرأة, وإذا كان خطيب المسجد وإمامه ذا اقتدار على الإقناع, وتملك لناصية الكلام, وصاحب ذهن متفتح, وملاحظة يقظة, وقبل ذلك وبعده يرجو وجه الله ويخشى عذابه, وأقول إذا كان كذلك اجتذب الناس إليه وتعلقت القلوب به فانصاعت لأمره, وهفت نفوسهم لنصيحته, فعلا قدرُه, وأصبح مفسرُهم ومحدثُهم وحلَالُ مشاكلهم, وفي أغلب الأحيان يترُك عدمُ وجودِ الداعيةِ الكفء فراغاً في الحى الذى لا يوجد فيه الداعية الكفء, إذ يحس الناس بانخفاض صوت الدين فيه أو بانعدامه, وهي حال تعطى (6) قلة البرامج الدينية في وسائل الإعلام:-الملاحظ للبرامج الدينية في الإعلام قلتها بالنسبة لغيرها, فلو أحصينا الوقت الذى تشغله لوجدناه 5% مثلاً أو أكثر, أو أقل قليلاً, ومن المعلوم أن النفس البشرية تنسى ولابد لها من دوام التذكر في زحمة الحياة اليومية, وهذا يتطلب توزيع البرامج الدينية وسط البرامج بحيث تغطي أوائلها وأوسطها وأواخرها, ومن الملاحظ أنها تأتي جافة, ومفتقرة إلى التشويق والجذب, ومفتقرة إلى الإعداد الجيد, ومما يجذب الانتباه أن بعض الموضوعات مما لا يشغل بال الرأي العام, ولا هو قضية من القضايا الملحة.نتائج الفراغ الديني:- [1] الانصراف عن الدين:عندما عملت الأسباب السابقة عملها, وجدت اتجاهات نحو الشيوعية والاشتراكية والديمقراطية والرأسمالية, وتناسى بعض الناس أن الدين هو البوصلة التي ترشد إلى الاتجاه الصحيح, وهو النواة التي تتجمع حولها قوى الكائن الحي كلها, وبدونها تتبدد قوى الإنسان كلها من: فكرية, وجسمية, واقتصادية, واجتماعية ويعجب الناس بأعمالهم كقوله تعالى: {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً} [8:فاطر], وقوله تعالى: { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً } [103,104: الكهف]. [2] البرود أمام المنكرات:مما لا شك فيه أن الجو الذى نعيش فيه قد عمل عمله في تبليدنا تجاه المنكرات, وإذا انعزل الدين عن قيادة الحياة, ومُجِّد لاعبُ الكرة ووضع في وضع النجومية, وعظمت امرأة تحسن تلوية جسدها, فسوف يشتد البرود أكثر في نفوس الناس, فلابد للمسلمين أن يؤازر بعضهم بعضاً في مواجهة المنكرات حتي لا تمتد عدواها من المريض إلى الصحيح, لأن البرود أمامها يجعل عودها يشتد وجمعها يزداد, ولحظتها يصعب مواجهتها, وتنهدُّ الأمةُ من الداخل, فإن الشهوات أشد على الأمة من جيش يحيط بها [3] سيادة روح الأنانية:مما لاشك فيه أن في داخل كلٍ منا (أنا) خاصة به, وهذه (الأنا) لها طموحها وشهواتها وأهدافها, فلو كانت أوفى عقلاً ولم يكن لها كابح يكبحها تُرى هل لأنانيتها حدود؟! إن من ثمار الأنانية أن أصبح الوالد هناك لا يأبه لأولاده عند سن معينة ولو كن إناثاً, والولد لا يأبه لأبيه وأمه ولو كانا عاجزين, وهناك بوادر بدرت في البلاد الإسلامية نحو تقليد هؤلاء, ومنها ما سمي بيوت المسنين وكل واحد منهم فيه أنين مكتوم من عقوق الأهل والأبناء, أين هذا مما جاء في الإسلام من كفالة اليتيم وضمان حقوق الأخوة, وحسن الجوار, وصلة الأرحام, وبر الوالدين؟! [4] فشو التقليد:لقد انتشر فينا رجالاً ونساءاً التقليد للحياة الغربية في طريقة طعامنا ولُبسنا وحياتنا ومجاملاتنا. ونظرة إلى حرم جامعة من الجامعات, تُرينا إلى أي حد نحن نقلد وإلى أي مدى فسدت أذواقنا, ففي الزي وفي تسريحات الشعر نجد نماذج أنماطاً شتى... وهذا كله دليل ضياع الشخصية, والهزيمة النفسية, والتبعية حتي وإن استقلت بلادنا. وترى طالباً يلبس سواراً من البلاستك, وآخر حظاظة يعتقد أنها تجلب له الحظ, وآخر يلبس الكاوبوي... إلخ. أين شخصيتنا الإسلامية؟ ويكفي قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من تشبه بقوم فهو منهم".العلاج:-ما تم سرده من الأسباب هو العلاج:أولاً: إذا صح العزم على سيادة الإسلام ووجد من يقدر على ذلك, فالأمر يتطلب العودة المتدرجة إلى أحكامه, وإلى أخلاقه, فتبدأ قوانينه تحل محل القوانين الوضعية في شتى المجالات.ثانياً: ثم في أجهزة الإعلام نحو تكثيف الجهود من أجل الإسلام في سلوك العاملين وفي المسلسلات, وفي البرامج وفي الصحف والمجلات, الأمر أولاً وآخراً لاخيار لنا فيه فإما أن نكون أو لا نكون, وعدم الجد في النهوض على أساس إسلامي هو خيانة كبرى لله ولرسوله وللمسلمين.ثالثاً: كما أنه ينبغي البحث عن الدراسات الجادة, وتوسيع نطاق نشرها, وتقديم ملخصات للتعريف بها, وتقريرها على الطلبة كل حسب مستواه في مراحل التعليم, ونبذ الدراسات السطحية, وعمل مسابقات للقراءة الحرة وكتابة الأبحاث في شتى المجالات, وبذل المكافآت.رابعاً: أما فيما يتعلق بتحسين أحوال من يقتدي بهم فيجب أن نضع في حسابنا, ألا يتقدم الصفوف إلا كفء في ديانته وإخلاصه, وبروزه في عمله, وتسليط الأضواء على سلوكياتهم, ويشجع من الآباء والمدرسين من كان قدوة صالحة لأبنائه وتلاميذه.خامساً: وفيما يتعلق بتدريس الدين فالأمر محتاج إلى أن نعلم جميعاً أنه لولا الإسلام ما كنا وأنه ينبغي أن يوضع مدرس الدين في موضعه بين الكوادر المتميزة, ويوضع الكتاب المقرر من حيث انتخاب العناصر التي ستؤلفه, كما توضع حصته في موضعها في أحسن ساعات اليوم نشاطاً وإقبالاً من الطالب والمدرس, وحذف كل ما يسئ إلى الدين من قريب أو من بعيد من وسائل الإعلام, ومحاسبة من تبدر منه بادرة الاستهانة بالدين حساباً عسيراً حتى لا يجترئ أحد على المساس به.سادساً: وأما الداعية الكفء في المساجد, فالبشر لهم حاجات إذا توفرت انطلق تفكيرهم إلى ما يكلفون به – أعني بها المطعم والملبس والمسكن والكتاب - , والأمر محتاج إلى تربية الكوادر, جسماً وعقلاً, وإدخالها دورات يُنتَقي للتدريس بها كبارُ المفكرين والغيورين على الدين المتبصرين بحال المسلمين, كما يكون التشجيع على القراءة والأبحاث حافزاً على تنشيط الهمم, وتوفير الكتاب بأقساط مريحة أو مجاناً. أليست الأوقاف من أجل خدمة الإسلام والمسلمين؟ | |
|