سم الله الرحممن الرحيم
الجامعة الإسلامية-غزة
عمادة الدراسات العليا
كلية أصول الدين
قسم العقيدة و المذاهب المعاصرة
بحث عن الإيمان و الإسلام
في مرحلة الماجستير ضمن مادة توحيد(1)
عمل الطالب
عبد اللطيف رياض العكلوك
تحت إشراف
الأستاذ المشارك الدكتور
أ.د.سعد عبد الله عاشور
ذي الحجة 1428 هـ ، ديسمبر 2007م
فهرس الموضوعات
إهداء
المقدمة
المبحث الأول : الإسلام
المطلب الأول : تعريف الإسلام في اللغة
أولا : أقوال العلماء في تعريف الإسلام في اللغة
ثانيا : حاصل تعريفات الإسلام في اللغة
المطلب الثاني : تعريف الإسلام اصطلاحا
أولا : أقوال العلماء في تعريف الإسلام اصطلاحا
ثانيا : حاصل أقوال العلماء في تعريف الإسلام اصطلاحا
المطلب الثالث : أركان الإسلام
أولا: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثانيا: إقام الصلاة
ثالثا: إيتاء الزكاة
رابعا: صوم رمضان
خامسا: حج البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلا
المبحث الثاني : الإيمان
المطلب الأول : تعريف الإيمان في اللغة
أولا: أقوال العلماء في تعريف الإيمان في اللغة
ثانيا : حاصل تعريفات الإيمان في اللغة
المطلب الثاني : تعريف الإيمان في الاصطلاح
أولا : تعريف الإيمان باعتباره متعلقا بالدين
ثانيا : تعريف الإيمان باعتبار حقيقته
1- مذهب أهل السنة و الجماعة
ا- قول جمهور أهل السنة والجماعة
ب- قول الإمام أبو حنيفة
ت- قول المتأخرين من علماء أهل السنة والجماعة
ث- قول الماتريدية و في رواية عن أبي حنيفة
2 : مذهب المعتزلة
3 : مذهب المرجئة
4 : مذهب الكرامية
5 : قول الجهمية
المطلب الثالث : أركان الإيمان
أولا : الإيمان بالله
1-توحيد الربوبية
2-توحيد الإلوهية
3- توحيد الأسماء والصفات
ما يقوم عليه توحيد الأسماء والصفات
ثانيا : الإيمان بالملائكة
ثالثا : الإيمان بكتب الله تعالى
رابعا : الإيمان بالأنبياء و المرسلين
خامسا : الإيمان باليوم الآخر
سادسا : الإيمان بقضاء الله و قدره
المبحث الثالث: الإيمان يزيد و ينقص
أولا مذهب جمهور علماء أهل السنة و الجماعة
الأدلة على زيادة الإيمان و نقصانه عند جمهور علماء أهل السنة و الجماعة
1-الأدلة من القرآن الكريم
2-الأدلة من السنة النبوية
3-الأدلة من أقوال العلماء
ثانيا :مذهب الأحناف
الرد على الحنفية
القول الراجح في زيادة الإيمان ونقصانه
المبحث الرابع : الفرق بين الإيمان و الإسلام
أولا : الإيمان والإسلام لفظان مترادفان
الأدلة على عدم التفريق بين الإيمان والإسلام
ثانيا التفريق بين الإيمان والإسلام
الأدلة على التفريق بين الإيمان والإسلام
ثالثا : اللفظان متلازمان ومتداخلان
الأدلة على تلازم و تداخل لفظي الإيمان و الإسلام
القول الراجح في الفرق بين الإيمان و الإسلام
الخاتمة
إهداء إلى :
• الدعاة إلى الله تبارك تعالى الذين جعلوا نصب أعينهم كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الذين يحملون هم الدعوة ويترجمون هذا الحمل بالتربية و الطاعة والبذل والفداء
• المرابطين على الثغور الذين يحملون أروحهم على أكفهم يقدمونها رخيصة لله تبارك وتعالى يرددون ليل نهار قول الله تعالى " إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " [سورة التوبة آية 111]
• أمي الغالية الحنون وأبي الغالي المكافح الصابر
• زوجتي الحبيبة وبناتي الأعزاء
المقدمة :
إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهديه الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير و أشهد أن محمد عبده ورسوله بلغ الرسالة و أدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين أما بعد ...
فما أصبت من خير فبتوفيق من الله وفضل منه وما أخطئت فمن نفسي ومن الشيطان.
سأتناول في هذه الصفحات المعدودة موضوعا من أهم المواضيع في العقيدة الإسلامية هذا الموضوع تناوله وكتب فيه العديد من العلماء ألا وهو ... الإيمان و الإسلام والفرق بينهما فلقد كتب الإمام ابن تيميه رحمه الله كتابا سماه الإيمان كما كتب الإمام ابن منده كتابا بعنوان الإيمان وكتب الدكتور محمد نعيم ياسين كتابا سماه الإيمان أركانه وحقيقته و نواقضه وكتب الدكتور محمد عبد الله الشرقاوي كتابا سماه الإيمان حقيقته و أثره في النفس و المجتمع أصوله و فروعه مقتضياته و نواقضه وكتب الشيخ محمد بن عبد الله بن صالح السحيم كتابا سماه الإسلام أصوله ومبادئه وكتب غيرهم الكثير من العلماء في هذا الموضوع واهتموا فيه ويرجع سبب الاهتمام بهذا الموضوع إلى عدة أمور هي :
1- كثرة ورود لفظي الإيمان والإسلام في القران الكريم والسنة النبوية في مواضع مختلفة
وبدلالات متعددة
2- انتشار لفظي الإيمان والإسلام بين الناس وكثرة استعمال الناس لهما
3- ما ينبني على تعريف الإيمان والإسلام والفرق بينهما من مسائل عقائدية مثل : مسألة
زيادة الإيمان ونقصانه التي سنتناولها في هذا لبحث بعد تعريف الإيمان والإسلام والفرق
بينهما
المبحث الأول : الإسلام
المطلب الأول : تعريف الإسلام في اللغة
أولا : أقوال العلماء في تعريف الإسلام في اللغة
1- الإسلام هو الانقياد لأمر الآمر و نهيه بلا اعتراض. ( )
2- الإسلام هو الخضوع و الانقياد لما أخبر به الرسول صلى
الله عليه و سلم . ( )
3- أورد الشيخ عبد الله العلايلي في كتابه الصحاح في اللغة و
العلوم ما يفيد أن معنى الإسلام التسليم التام حيث قال :" وأسلم
أمره إلى الله أسلم سلّم و أسلم أي دخل في السلم و هو الاستسلام
و أسلم من الإسلام " .( )
4- الإسلام هو عبارة عن الانقياد و الاستسلام وقد يطلق على
الخلوص يقال سلم له كذا أي خلص إليه و منه {وَرَجُلاً سَالَمًا لِّرَجُلٍ}
أي خالصا له( )
5- ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد الذي هو حق
الله على العبيد أن معنى الإسلام الانقياد دون أن يدخل فيه اعتقاد
القلب فقال " أما الإسلام فهو عبارة عن فعل الواجبات و هو الانقياد
إلى عمل الظاهر"( )
6- ورد في معجم لسان العرب أن الإسلام له معنيان الأول الاستسلام
و الثاني إخلاص العبادة لله تعالى فقال : "يقال فلان مسلم و فيه قولان
أحدهما هو المستسلم لأمر الله و الثاني هو المخلص لله العبادة من
قولهم سلم الشيء لفلان أَي خلصه سلم له الشيء أي خلص له و روي
عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم أَنه قال المسلم من سلم المسلمون من
لسانه و يده قال الأزهري فمعناه أنه دخل في باب السلامة حتى يسلم
المؤمنون من بَوائقه .... وقيل دخل في
الإسلام فسلمت من شره"( )
ثانيا : حاصل تعريفات الإسلام في اللغة
إن الناظر في التعريفات السابقة للغة يجد أن الإسلام ورد فيه
ا بالمعاني الآتية:
الانقياد بلا اعتراض و الخضوع و الاستسلام سواء كان في الظاهر
أو الباطن وعبر عن الباطن صاحب كتاب لسان العرب بقوله :
"إخلاص العبادة " .
و يقول في ذلك محمد بن عبد الله بن صالح الحسيم في كتابه
الإسلام أصوله ومبادئه " إذا راجعت معاجم اللغة علمت أن
معنى كلمة الإسلام هو الانقياد والخضوع والإذعان والاستسلام
والامتثال لأمر الآمر ونهيه بلا اعتراض "( )
وجميع هذه التعريفات تشير إلى تسليم أمر النفس للغير وهذا
التسليم يتصف بأنه تام وشامل في جميع المجالات دون استثناء
فالمسلم يسلم أمره لله تعالى و لرسوله محمد صلى الله عليه و
سلم ولا يقول العقل مقدم على النقل ولا يقول العقل يعارض النقل
ولا يقول علمي بالمكاشفة أولى بالإتباع ولا غير ذلك فالإسلام هو
تسليم أمر النفس إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم
وذلك يكون بإتباع دينه والتزام منهجه , المتمثل في كتاب الله تعالى
وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويقصد بالكتاب القرآن الكريم
حيث سماه الله تعالى كتابا قال تعالى {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} ( )
وقال في موضع آخر{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ
يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا} ( )
والقرآن هو كلام الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم
المتعبد بتلاوته ( ) المعجز المتحدى بأقصر سورة منه المبدوء
بسورة الفاتحة المختوم بسورة الناس الموجود بين دفتي المصحف .
كلام الله : قيد في التعريف اخرج به كل كلام غير كلام الله
المنزل : قيد ثاني اخرج به ما لم ينزله الله تعالى من كلامه على
خلقه فهو عنده في اللوح
المحفوظ
على محمد : قيد ثالث اخرج به ما نزل من كلام الله تعالى على
غير نبيه محمد صلى الله
عليه وسلم من الرسل
المتعبد بتلاوته : قيد رابع اخرج به الحديث القدسي حيث انه كلام
الله ولكن لا يتعبد بتلاوته( )
والسنه هي ما أضيف الى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو
فعل أو تقرير أو صفه ( )
وبذلك تكون السنة مقسمه الى ثلاثة أقسام قوليه وفعلية وتقريرية :
1- السنة القوليه : وهي ما أضيف الى النبي صلى الله عليه والسلام
خاصة من قول مثل : ما ورد في صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه ، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب. شديد سواد الشعر.
لا يرى عليه أثر السفر. ولا يعرفه منا أحد. حتى جلس إلى النبي صلى
الله عليه وسلم. فاسند ركبتيه إلى ركبتيه. ووضع كفيه على فخذيه.
وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى
الله عليه وسلم. وتقيم الصلاة. وتؤتي الزكاة. وتصوم رمضان. وتحج
البيت، إن استطعت إليه سبيلا..." ( )
2- السنة الفعلية : وهي ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه و سلم
من فعل خاصة مثل ما ورد في الصحيحان من أنه صلى الله عليه
وسلم قال: " صلوا كما رأيتموني أصلي "( )
3- السنة التقريرية : وهي أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم فعلا
أو يسمع قولا من أحد الصحابة أو يبلغه ذلك فلا ينكره ومثاله ما روى
عن أكل الضب على مائدته صلى الله عليه وسلم وكذلك ما روى عن
الصحابة رضي الله عنهم عندما أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم
قائلا لا يصلين أحدهم العصر إلا في بني قريظة فمنهم من التزم
صلاة العصر في بني قريظة ومنهم من خشي ضياع الوقت فأداها في
الطريق قبل الوصول إلى بني قريضة ولما يذكر النبي عليه الصلاة
والسلام على أحد فكانت هذه سنة تقريرية
المطلب الثاني : تعريف الإسلام اصطلاحا
أولا : أقوال العلماء في تعريف الإسلام اصطلاحا
يقول محمد بن عبد الله السحيم في كتابه الإسلام أصوله و مبادئه عن
معنى الإسلام " وقد سمى الله الدين الحق الإسلام لأنه طاعة لله وانقياد
لأمره بلا اعتراض ، وإخلاص العبادة له سبحانه وتصديق خبره والإيمان
به ، وأصبح اسم الإسلام علما على الدين الذي جاء به محمد صلى
الله عليه وسلم"( )
و يقول حسن أيوب في كتابه تبسيط العقائد الإسلامية في تعريف
الإسلام " فمعناه الإذعان و الخضوع النفسي و الاطمئنان القلبي
و الشعور بالرضا بالنسبة لكل ما جاء به النبي صلى الله عليه
و سلم من دين و علم مجيئه عنه بالضرورة أي بدون احتياج
إلى سؤال أو كشف و بحث لشهرته بين المسلمين "( )
وهكذا تجد أن معنى الإسلام في الاصطلاح عند العلماء السابقين
يجمع بين الانقياد التام لأمر الله وبين التصديق بخبر الله فجمع
بين خضوع النفس و اطمئنان القلب وجعل من ذلك معنى للإسلام
ولكن هناك فريق آخر من العلماء جعل للإسلام معنيين أحدهما
ما تقدم والآخر مجرد الاعتراف باللسان ولا يلزم منه اعتقاد القلب
و من هؤلاء الراغب الأصفهاني حيث يقول في كتابه معجم مفردات
ألفاظ القرآن "و الإسلام في الشرع على ضربين أحدهما دون الإيمان
و هو الاعتراف باللسان و به يحقن الدم حصل معه الاعتقاد أو لم
يحصل و إياه قصد بقوله تعالى { قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا
وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا } ( ) والثاني فوق الإيمان و هو أن يكون مع
الاعتراف اعتقاد بالقلب ووفاء بالفعل و استسلام لله في جميع
ما قضى وقدر كما ذكر عن إبراهيم عليه السلام في قوله
{ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } ( ) " ( )
و وافقه في ذلك سلطان العلماء العز بن عبد السلام في كتابه
معنى الإيمان و الإسلام حيث
قال: "وقد خصه الشرع -الإسلام- بالانقياد إلى الشهادتين باللسان
وعليه نحمله عند الإطلاق بدليل أنه لو حلف لا يكلم مسلما فإنه
يحنث بتكليم المقتصر على الشهادتين دون من لم يأت بهما و من
حلف ما رأيت مسلما فإنه يحنث برؤية من أتى بهما و إن كان
تاركا لجميع فروع الإسلام"( )
ثانيا : حاصل أقوال العلماء في تعريف الإسلام اصطلاحا
للعلماء اتجاهان في تعريف الإسلام اصطلاحا هما :
الاتجاه الأول : يرى أن الإسلام في الاصطلاح هو الاستسلام
التام لأمر الله تعالى في الظاهر
و الباطن فهو انقياد الجوارح و اعتقاد القلب.
الاتجاه الثاني : يرى أن الإسلام في الاصطلاح هو تصديق
اللسان فقط سواء حصل معه
اعتقاد القلب أو لم يحصل فهذا إسلام.
ويدل على ذلك قول شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان
الأوسط قال: " لفظ الإسلام يستعمل على وجهين متعديا
كقولـه { وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ }( )
وقولـه { فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ
وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ }( )الآية (وقولـه صلى الله عليه وسلم في
دعاء المنام. أسلمت نفسي إليك) ويستعمل لازما
كقولـه { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ }( )
وقولـه {وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}( ) وقولـه
عن بلقيس {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}( )
وهو يجمع معنيين أحدهما الانقياد والاستسلام و
الثاني إخلاص ذلك وإفراده كقولـه{ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً
رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِّرَجُلٍ}( )
وعنوانه قول لا إله إلا الله."( )
المطلب الثالث : أركان الإسلام
الإسلام كما مر معنا هو دين الله تعالى الذي ارتضاه
لعباده قال تعالى {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ} ( ) وقال تعالى
{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ( )
و الركن هو ما يتوقف عليه وجود الشيء و هو جزء منه
بحيث يلزم من وجود الشيء وجوده و من عدمه عدم
الشيء و هو داخل في حقيقته ( )
فأركان الإسلام هي الأمور التي يتوقف عليها الحكم بوجود
دين الله تعالى الذي ارتضاه لعباده عند العبد وهي جزء
من هذا الدين ولقد بين رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه
الأركان في عدة مواضع حيث أخرج الشيخان البخاري ومسلم
في صحيحيهما عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بني الإسلام على خمس: شهادة
أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و إقام الصلاة وإيتاء
الزكاة و الحج و صوم رمضان"( )
وأخرج مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ
طلع علينا رجل شديد بياض الثياب. شديد سواد الشعر. لا يرى
عليه أثر السفر. ولا يعرفه منا أحد. حتى جلس إلى النبي صلى الله
عليه وسلم. فاسند ركبتيه إلى ركبتيه. ووضع كفيه على فخذيه.
وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام. فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول
الله صلى الله عليه وسلم. وتقيم الصلاة. وتؤتي الزكاة. وتصوم
رمضان. وتحج البيت، إن استطعت إليه سبيلا" قال: صدقت..."( )
ومن خلال النظر في أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم
تجد أن أركان الإسلام خمسة هي:
أولا: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله
عليه وسلم
و معنى ( لا إله إلا الله )" لا معبود بحق إلا الله وحده ( لا إله)
نافيا جميع ما يعبد من دون الله (إلا الله ) مثبتا العبادة لله وحده لا
شريك له في عبادته كما أنه ليس له شريك في ملكه ومعنى
شهادة أن محمدا رسول الله طاعته فيما أمر و تصديقه فيما أخبر
واجتناب ما عنه نهى و زجر و أن لا يعبد الله إلا بما شرع " ( )
ثانيا: إقام الصلاة
و الصلاة في اللغة هي الدعاء و في الاصطلاح هي العبادة
المخصوصة المبينة حدود أوقاتها في الشريعة ( )
ويقول الجرجاني في كتابه معجم التعريفات الصلاة في اللغة
الدعاء وفي الشريعة عبارة عن أركان مخصوصة وأذكار
معلومة بشرائط محصورة في أوقات مقدرة والصلاة أيضاً طلب
التعظيم لجانب الرسول صلى الله عليه وسلم، في الدنيا والآخرة ( )
ثالثا: إيتاء الزكاة
و الزكاة في اللغة هي البركة و النماء و الطهارة و الصلاح و
صفوة الشيء وفي الشرع حصة من المال و نحوه يوجب الشرع
بذلها للفقراء و نحوهم بشروط خاصة ( )
والزكاة في الشرع هي عبارة عن إيجاب طائفة من المال في
مال مخصوص لمالكٍ مخصوص ( )
رابعا: صوم رمضان
و الصوم في اللغة هو الإمساك عن أي فعل أو قول كان و شرعا
هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع النية ( )
وقيل الصوم في اللغة:"مطلق الإمساك، وفي الشرع: عبارة عن إمساك
مخصوص، وهو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع من الصبح إلى
المغرب مع النية ( )
خامسا: حج البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلا
الحج في اللغة القصد ( ) وقد خصه الجرجاني في كتابه معجم
التعريفات بقصد الشيء المعظم فقال "الحج القصد إلى الشيء المعظم( )
وفي الشرع قصدٌ لبيت الله تعالى بصفة مخصوصة، في وقت
مخصوص، بشرائط مخصوصة( )