نافذة الإسلام الصحيح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نافذة الإسلام الصحيح

صحيح الدين الاسلامى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
الى كل مصرى مصر امانة فى رقبتك الى يوم الدين حافظ عليها ---- لا للعنف --- لا للصراع --- مصر فوق الجميع---كن مع رئيسك  ومع مصر فى ازمتها------ سجل زوار الموقع http://www.arabgb.com/gb.php?id=34303&a=show

 

 بحث عن الإيمان و الإسلام - جزء ثان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
sayed
مدير عام الموقع
مدير عام الموقع
sayed


المساهمات : 699
تاريخ التسجيل : 12/10/2013

بحث عن الإيمان و الإسلام -  جزء ثان Empty
مُساهمةموضوع: بحث عن الإيمان و الإسلام - جزء ثان   بحث عن الإيمان و الإسلام -  جزء ثان I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 14, 2013 3:36 pm

المبحث الثاني : الإيمان

المطلب الأول : تعريف الإيمان في اللغة

أولا: أقوال العلماء في تعريف الإيمان في اللغة
1- ورد في المعجم الوسيط أن "الإيمان في اللغة هو التصديق" ( )
2- يقول الشيخ علي بن محمد الجرجاني في كتابه معجم التعريفات
"الإيمان في اللغة التصديق في القلب"( )
3- يقول الشيخ محمد بن أبي بكر الرازي في مختار الصحاح
"الإيمان لغة هو التصديق" ( )
4- يقول المعلم بطرس البستاني في كتابه محيط المحيط
"الإيمان التصديق مطلقا و الاعتقاد بالله و رسله ووحيه نقيض
الكفر و هو الثقة و إظهار الخضوع و قبول الشريعة"( )
5-يقول أبو القاسم الزمخشري في كتابه أساس البلاغة "
{وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا } ( ) أي بمصدق وما أومن بشيء مما
تقول ما أصدق وما أثق"( )
6- ورد في كتاب المنجد في اللغة "الإيمان لغة التصديق
نقيض الكفر و المؤمن المصدق خلاف الكافر و هو فضيلة
فائقة الطبيعة بها نؤمن إيمانا ثابتا بكل ما أوحاه الله "( )
7- يقول الشيخ عبد الله العلايلي في كتابه الصحاح في اللغة
و العلوم"الإيمان لغة هو اعتقاد راسخ لايقل في قوته عن
اليقين ولكن لا يمكن نقله عن طريق البرهان يعتمد أساسا
على الثقة و طمأنينة القلب أكثر مما يعتمد على الحجج العقلية"( )
8- يقول الشيخ حافظ بن أحمد حكمي في كتابه معارج القبول
بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول في التوحيد " الإيمان في
اللغة هو التصديق قال إخوة يوسف لأبيهم {وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا } ( )
يقول بمصدق"( )
9- يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين في شرح العقيدة
الواسطية في تعريف الإيمان في اللغة "يقول كثير من الناس
إنه التصديق فصدقت و آمنت معناهما لغة واحد و قد سبق لنا في
التفسير أن هذا القول لا يصح بل الإيمان في اللغة الإقرار بالشيء
عن تصديق به بدليل أنك تقول آمنت بكذا و أقررت بكذا و صدقت
فلانا ولا تقول آمنت فلانا إذا فالإيمان يتضمن معنى زائدا على
مجرد التصديق و هو الإقرار و الاعتراف المستلزم للقبول للأخبار
و الإذعان للأحكام هذا الإيمان أما مجرد أن تؤمن بأن الله موجود
فهذا ليس إيمان حتى يكون هذا الإيمان مستلزما للقبول في الأخبار
و الإذعان في الأحكام و إلا فليس إيمانا"( )

ثانيا : حاصل تعريفات الإيمان في اللغة
إن الناظر في تعريفات العلماء للإيمان في اللغة يجد أن أكثر أهل
العلم بل معظمهم يرى بأن الإيمان في اللغة يعني التصديق
و قد حكا بعض أهل العلم الإجماع على كون الإيمان في اللغة
التصديق حيث يقول الدكتور محمد الشريره في كتابه مدخل لدراسة
العقيدة الإسلامية مبادئ و آثار "اتفق جمهور أهل اللغة على
أن الإيمان هو التصديق"( ) و كما يقول الأزهري في كتابه تهذيب
اللغة "اتفق أهل العلم من اللغويين وغيرهم أن " الإيمان معناه
التصديق؛ وقال الله تعالى: { قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا } ( ) "( )

و ذهب بعض أهل العلم إلى أن الإيمان في اللغة هو "الإقرار
بالشيء عن تصديق به" ( ) وهذا تقييد للفظ الإيمان حيث أنه
جعل الإيمان يستلزم الإقرار باللسان يقول في ذلك الشيخ محمد
بن صالح العثيمين في شرح العقيدة الواسطية " أكثر أهل العلم
يقولون : إن الإيمان في اللغة التصديق . ولكن هذا فيه نظر
لأن الكلمة إذا كانت بمعنى الكلمة فإنها تتعدى بتعديها و معلوم
أن التصديق يتعدى بنفسه و الإيمان لا يتعدى بنفسه فنقول مثلا
صدقته ولا تقول آمنته بل تقول آمنت به أو آمنت له فلا يمكن
أن نفسر فعلا لازما لا يتعدى إلا بحرف الجر بفعل متعد ينصب
المفعول به بنفسه ثم إن كلمة صدقت لا تعطي معنى آمنت فإن
آمنت تدل على طمأنينة بخبره أكثر من صدقت و لهذا لو فسر
الإيمان بالإقرار لكان أجود فنقول الإيمان الإقرار ولا إقرار
إلا بتصديق فنقول أقر به كما تقول آمن به و أقر له كما تقول آمن له "( )

ولقد سبق الشيخ محمد بن صالح العثيمين في الاعتراض على
أن الإيمان في اللغة هو التصديق المطلق شيخ الإسلام ابن
تيمية حيث يرى أن الإيمان هو التصديق الذي معه أمن دون
التصديق المجرد فيذكر ابن منده في كتابه أصول الإيمان و
مسائله نقلا عن شيخ الإسلام ابن تيمية قوله "فإن الإيمان مشتق
من الأمن فإنما يستعمل في خبر يؤتمن عليه المخبر كالأمر
الغائب الذي يؤتمن عليه المخبر و لهذا لم يوجد قط في القرآن
و غيره لفظ آمن له إلا في هذا النوع... فاللفظ متضمن معنى
التصديق و معنى الائتمان و الأمانة كما يدل عليه الاستعمال و
الاشتقاق و لهذا قالوا{وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا } ( ) أي لا تقر بخبرنا
ولا تثق به و لا تطمئن إليه و لو كنا صادقين لأنهم لم يكونوا
عنده ممن يؤتمن على ذلك فلو صدقوا لم يأمن لهم"( ) ولعل هذا
مراد الخليل حين سئل" ما الإيمان ؟ فقال الطمأنينة"( )

كما ذهب بعض أهل العلم إلى عدم التفريق بين لفظي الإيمان و
العقيدة وفي ذلك يقول الشيخ عبد الله العلايلي "الإيمان لغة هو
اعتقاد راسخ لا يقل في قوته عن اليقين"( ) بل ذهب الدكتور محمد
الشرقاوي في كتابه الإيمان حقيقته و أثره في النفس و المجتمع
أصوله و فروعه مقتضياته و نواقضه مذهبا أبعد من ذلك فهو
يرى أن استخدام لفظ الإيمان أولى من استخدام لفظ العقيدة و يعلل
ذلك بأمرين الأول عدم ورود لفظ العقيدة في القرآن الكريم و
الثاني أن لفظ العقيدة لم يرد في اللغة مقصودا به المعنى الاصطلاحي
المتعارف عليه ويبني على ذلك بالقول "و من هنا نقرر أن لفظ
الإيمان أولى في الاستخدام و أوثق و أبعد عن اللبس و الغموض
من لفظ العقيدة و إن كان هذا اللفظ (العقيدة) قد صار شائعا ذائعا
دائرا على ألسنة العلماء و أقلامهم بكثرة كما أنه قد صار مصطلحا
راسخا ثابتا "( )
وبذلك ترى أن الإيمان في اللغة له عدة معاني هي التصديق أو
التصديق مع الإقرار أو التصديق مع الأمن أو العقيدة





















المطلب الثاني : تعريف الإيمان في الاصطلاح

للعلماء في تعريف الإيمان في الاصطلاح اتجاهين الأول تعريفه
باعتباره متعلقا بالدين وباعتبار علاقته بالإسلام و الإحسان و
الاتجاه الثاني هو تعريف الإيمان باعتبار حقيقته و ما يترتب على
هذه الحقيقة من مسائل مثل زيادة الإيمان و نقصانه و الاستثناء في
الإيمان و غير ذلك من المسائل

أولا : تعريف الإيمان باعتباره متعلقا بالدين
1- يقول الشيخ حافظ بن أحمد حكمي في كتابه معارج القبول
بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول في التوحيد في معنى الإيمان
اصطلاحا"أما في الشريعة فلإطلاقه حالتان الحالة الأولى :أن
يطلق على الإفراد غير مقترن بذكر الإسلام فحينئذ يراد به الدين
كله كقوله عز و جل (الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات
إلى النور)... و الحالة الثانية: أن يطلق الإيمان مقرونا بالإسلام و
حينئذ يفسر بالاعتقادات الباطنية كما في حديث جبريل هذا و ما في
معناه و كما في قول الله عز وجل(و الذين آمنوا و عملوا الصالحات)
و في غير ما موضع من كتابه..."( )
2- ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد الذي هو
حق الله على العبيد معنى الإيمان فقال " و في الشرع عبارة عن
تصديق خاص و هو التصديق بالله و ملائكته وكتبه ورسله و اليوم
الآخر و بالقدر خيره و شره"( )
3- يذكر حسن أيوب في كتابه تبسيط العقائد الإسلامية تعريف
الإيمان فيقول :"هو التصديق الجازم بكل ما جاء به محمد صلى
الله عليه و سلم و ثبت ثبوتا قطعيا و علم مجيئه من الدين بالضرورة
كالإيمان بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و القضاء
و القدر خيره و شره و كالإيمان بفرضية الصلاة و الزكاة و
الصيام و الحج و الإيمان بتحريم القتل ظلما للنفس المعصومة
و تحريم الزنا و الربا و غير ذلك ( )


ثانيا : تعريف الإيمان باعتبار حقيقته
وهذا ما أطلق عليه الدكتور محمد نعيم ياسين في كتابه الإيمان
أركانه حقيقته نواقضه اسم "حقيقة الإيمان" ( )

اختلف أهل العلم في حقيقة الإيمان اختلافا كبيرا و إليك هذا الخلاف :

أولا مذهب أهل السنة و الجماعة
ذهب أهل السنة والجماعة في حقيقة الإيمان إلي عدة أقوال ( )

1- قول جمهور أهل السنة والجماعة

الإيمان هو : "تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان" ( )
واليه ذهب جمع كبير من علماء أهل السنة والجماعة
منهم "مالك والشافعي واحمد و الأوزاعي واسحق بن راهوية
وسائر أهل الحديث وأهل المدينة رحمهم الله وأهل الظاهر
وجماعة من المتكلمين"( )
وعلية فلا يكون العبد مؤمنا إلا إذا تحققت فيه ثلاث أمور وهي :
ا- أن يصدق بقلبه
ب- أن يقر بلسانه
ج- أن يعمل بجوارحه
فهذه ثلاث أركان للإيمان ، إذا وجدت وجد ، وان عدمت عدم ،
وان فقد احدها انعدم الإيمان عند العبد ، فلا يكون العبد مؤمنا
إذا لم يعمل بجوارحه حتى وان كان مصدقا بقلبه ومقرا بلسانه
، وان عمل بجوارحه وصدق بقلبه ولم يقر بلسانه لم يحصل له
الإيمان ، وان عمل بجوارحه واقر بلسانه ولم يصدق بقلبه لم
يحصل له الإيمان أيضا ، بل هو منافق يظهر خلاف ما يبطن

2- قول الإمام أبو حنيفة
الإيمان هو "الإقرار باللسان والتصديق بالجنان"( )
وهذا ما جاء في متن الطحاويه ( ) فالإمام أبو حنيفة لم يدخل
العمل في الإيمان علي انه ركن من أركانه ، وتوقف علي
ركنين الأول الإقرار باللسان والثاني التصديق بالجنان ،
ولكنه جعل العمل ثمرة الإيمان.
يقول : الدكتور محمد نعيم ياسين في كتاب الإيمان "القول:
الثاني أن الإيمان اسم يقع علي الإقرار باللسان والتصديق
بالقلب ولا يدخل فيه العمل بالجوارح ولكنهم يقولون إن العمل بكل
ما صح عن رسول الله من الشرائع والبيان حق وواجب علي
المؤمنين الذين اكتسبوا هذا الاسم بالإقرار والتصديق "( )
والحقيقة أن الخلاف بين جمهور أهل السنة والجماعة وبين الإمام
أبو حنيفة خلاف صوري شكلي فالإمام أبو حنيفة ادخل العمل تحت
الإقرار والتصديق بالقلب وجعله من ثمراته ولم ينكره بل اعتد به
أما الجمهور فقد جعلوا العمل ركن من الأركان وساووا بينه وبين
الإقرار باللسان والتصديق بالقلب والحاصل أن العمل يدخل عند
الفريقين الأول يدخله علي انه ركن مساوي لباقي الأركان والثاني
يدخله علي انه ثمرة لازمة لركني الإقرار والتصديق.

ولقد نقل عبد الآخر الغنيمي عن شيخ الإسلام قوله : "ومما ينبغي
أن يعلم أن أكثر التنازع بين أهل السنة في هذه المسألة نزاع لفظي
وإلا فالقائلون بان الإيمان قول من الفقهاء ... متفقون مع جميع
علماء السنة علي أن أصحاب الذنوب داخلون تحت الذم والوعيد
وان قالوا : إن إيمانهم كامل كإيمان جبريل فهم يقولون : إن الإيمان
بدون العمل المفروض ومع فعل المحرمات يكون صاحبه مستحقا
للذم والعقاب كما تقوله الجماعة ... والذين ينفون عن الفاسق اسم
الإيمان من أهل السنة متفقون على أنه لا يخلد في النار فليس بين
فقهاء الملة نزاع في أصحاب الذنوب إذا كانوا مقرين باطنا وظاهرا
بما جاء به الرسول وما تواتر عنه أنهم من أهل الوعيد وانه يدخل
النار منهم من أخبر الله ورسوله بدخوله إليها ولا يخلد منهم فيها
أحد ... ولكن الأقوال المنحرفة قول من يقول بتخليدهم في النار
كالخوارج والمعتزلة وقول غلاة المرجئة الذين يقولون ما نعلم أن
أحدا منهم يدخل النار..."( )

فالأحناف يقسمون الإيمان إلي قسمين يقول في ذلك الدكتور
محمد الشرقاوي :
"الإيمان ينقسم إلي أصل وفرع أو جذر وجذع
فجذره أو أصله : الاعتقاد والإقرار وهما عمل واحد له آلتان
هما القلب واللسان
وجذعه أو الفروع : هي الطاعات كلها وإنما كانت إيمانا لأن
الإيمان هو التصديق والتصديق الواقع بالقلب واللسان هو الذي
يحرك علي سائر الطاعات ويدعو إليها وإنما يقع ذلك من المؤمن
قصدا إلي تحقيق القول بالفعل وتسوية الظاهر بالباطن ... ويجب أن
يفهم أن الأصل والفرع أو الجذر والجذع يشكلان معا شجرة الإيمان
فليس الأصل وحدة ولا الفروع وحدها تكون شجرة الإيمان" ( )

3- قول المتأخرين من علماء أهل السنة والجماعة
وذهب فريق ثالث من أهل السنة والجماعة إلي التفصيل في حقيقة
الإيمان فقالوا : الإيمان قول وعمل
قول : القلب واللسان
وعمل : القلب واللسان والجوارح

يقول الشيخ محمد بن صالح العثيميين في شرح العقيدة الواسطية
"أما قول اللسان فالأمر فيه واضح وهو النطق وأما عمله فحركاته
وليست هي النطق بل النطق ناشئ عنها إن سلمت من الخرس وأما
قول القلب فهو اعترافه وتصديقه وأما عمله فهو عبارة عن تحركاته
وإرادته مثل الإخلاص في العمل فهذا عمل قلب وكذلك التوكل
والرجاء و الخوف فالعمل ليس مجرد الطمأنينة في القلب بل هناك
حركة في القلب وأما عمل الجوارح فواضح ركوع وسجود وقيام
وقعود فيكون عمل الجوارح إيمانا شرعا لان الحامل لهذا العمل
هو الإيمان "( )

فقول القلب معناه : تصديقه و إيقانه بكل ما جاء به النبي محمد صلى
الله عليه و سلم من الكتاب و الحكمة عن ربه تبارك و تعالى .
وقول اللسان : هو النطق بالشهادتين شهادة أن لا إله إلا الله و شهادة
أن محمدا رسول الله و الشهادتان هما أول ركن من أركان الإسلام
وبذلك يكون الإيمان قد تضمن أول و أهم ركن من أركان الإسلام.
وعمل القلب : النية والإخلاص والمحبة و هذا العمل عملا باطنيا
لا يطلع عليه العباد فهو بين العبد و ربه بخلاف عمل الجوارح.
وعمل اللسان : ما لا يؤدي إلا به ( ) كالدعاء و تلاوة القران والذكر
والتسبيح و غير ذالك.
عمل الجوارح : ما لا يؤدي إلا بها كالقيام والركوع والسجود ( )
4- قول الماتريدية و في رواية عن أبي حنيفة
قالوا الإيمان هو التصديق بالقلب فقط والإقرار باللسان فرع عن التصديق
ولازم له وثمرة منه
يقول في ذلك ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية
" وذهب كثير من أصحابنا إلى ما ذكره الطحاوي رحمه لله : أنه
الإقرار باللسان والتصديق بالجنان . ومنهم من يقول : إن الإقرار
باللسان ركن زائد ليس بأصلي وإلى هذا ذهب أبو منصور الماتريدي
رحمه الله , ويروى عن أبي حنيفة رضي الله عنه" ( )

قلت والمشهور من مذهب أبي حنيفة أن الإيمان هو التصديق بالجنان
والقول باللسان والأعمال ثمرة التصديق والإقرار فإذا ورد عنه القول
أن الإيمان هو التصديق بالقلب فقط لزم منه أحد أمرين:
الأول أن يكون القول باللسان و العمل بالجوارح ثمرة التصديق بالقلب
كما هو العمل ثمرة التصديق والإقرار في المشهور وبذلك يكون
الإيمان هو التصديق وله ثمرتين الأولى العمل والثانية الإقرار والله أعلم .
الثاني أن يكون مراد الإمام بالتصديق المعنى اللغوي للإيمان لا حقيقته
التي هو عليها وسبق الذكر أن أهل اللغة يكادون يجمعون على أن
الإيمان هو التصديق بل نقل بعضهم الإجماع على ذلك.

ثانيا : مذهب المعتزلة
قالت المعتزلة الإيمان : هو العمل والنطق والاعتقاد أي جميع
الطاعات فرضها ونفلها ( )
والفرق بينهم وبين الجمهور : أن المعتزلة جعلوا الأعمال
شرطا في صحة الإيمان أما الجمهور فجعلوا الأعمال
شرطا في كمال الإيمان ( )

ثالثا : مذهب المرجئة
قالت المرجئة : الإيمان هو " الإقرار بالقلب "وما عدا ذلك
فليس من الإيمان ولهذا كان الإيمان لا يزيد ولا ينقص عندهم
لأنه إقرار القلب والناس فيه سواء فالإنسان الذي يعبد الله آناء
الليل والنهار كالذي يعصي الله آناء الليل والنهار عندهم مادامت
معصيته لا تخرجه من الدين ( )

فلو وجدنا رجلا يزني ويسرق ويشرب الخمر ويعتدي على
الناس ورجلا آخر متقيا الله بعيدا عن هذه الأشياء كلها أصبح
عند المرجئة في الإيمان و الرجاء سواء كل منهما لا يعذب
لان الأعمال غير داخله في مسمى الإيمان ( )

وهؤلاء يقال لهم : ماذا أراد الله تعالى من العباد بقوله تعالى
" أقيموا الصلاة واتوا الزكاة " هل أراد منهم الإقرار بذلك ؟
أم أراد الإقرار مع العمل ؟
فإن قالوا : إن الله أراد الإقرار ولم يرد العمل فقد كفروا وان
قالوا : أراد منهم الإقرار والعمل قيل لهم : كيف تزعمون
أن يكون مؤمنا بأحدهما دون الأخر وقد أرادهما جميعا ؟ ( )

رابعا : مذهب الكرامية
قالوا الإيمان هو الإقرار باللسان فقط فالمنافقون عندهم مؤمنون
كاملو الإيمان ولكنهم يقولون بأنهم يستحقون الوعيد الذي أوعدهم
الله به وقولهم ظاهر الفساد ( )

خامسا : قول الجهمية
ذهب الجهم بن صفوان وأبو الحسن الصالحي أحد رؤساء القدرية
إلى أن الإيمان هو المعرفة بالقلب فقط وإن أظهر الكفر بلسانه
وعبادته ( )
و قيل هو المعرفة بالقلب وهذا القول اظهر فسادا من قول الكرامية
فإن لازمه أن فرعون وقومه كانوا مؤمنين فإنهم عرفوا صدق موسى
وهارون عليهما الصلاة والسلام ولم يؤمنوا بهما ولهذا قال موسى
لفرعون {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَـؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ} ( )( )
و يلزم منه أن يكون إبليس مؤمنا لأنه كان يعرف ربه بقلبه













المطلب الثالث : أركان الإيمان

قال تعالى {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِه
ِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير}( )
وقال تعالى {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ
آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ
وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ
الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} ( )
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع
علينا رجل شديد بياض الثياب. شديد سواد الشعر. لا يرى عليه أثر
السفر. ولا يعرفه منا أحد. حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم
. فاسند ركبتيه إلى ركبتيه. ووضع كفيه على فخذيه. وقال:... فأخبرني
عن الإيمان. قال: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر.
وتؤمن بالقدر خيره وشره" قال: صدقت ... ( ) ".
لقد وضح رسول الله صلى الله عليه وسلم أركان الإيمان بشكل واضح
جلي لا لبس فيه وذلك في حديث جبريل السابق فأركان الإيمان كما أخبر
بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام جبريل عليه السلام وشهد
جبريل بصحة الخبر وفي حضرة الصحابة الكرام ستة أركان هي :

أولا : الإيمان بالله
والإيمان بالله عز وجل معناه الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء
ومليكه وخالقه وأنه الذي يستحق وحده أن يتفرد بالعبادة : من صلاة
وصوم ودعاء ورجاء وخوف وذل وخضوع .
وانه المتصف بصفات الكمال كلها المنزه عن كل نقص ( )
والإيمان بالله تعالى يتضمن توحيده في ثلاثة أمور هي :
1- توحيد الربوبية
وهو إفراد الله سبحانه وتعالى في أمور ثلاثة في الخلق
والملك والتدبير ( )

أ‌- إفراد الله تعالى بالخلق فالله تعالى و حده هو الخالق لا خالق
ب‌- سواه قال الله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء
وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}( ) و قال تعالى مبينا بطلان
آلهة الكفار{ أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}( ) فالله تعالى
و حده هو الخالق خلق كل شيء فقدره تقديرا و خلقه يشمل
ما يقع من مفعولاته و ما يقع من مفعولات خلقه أيضا ( )
ت‌- إفراد الله تعالى بالملك فالله تعالى وحده هو المالك كما قال الله
ث‌- تعالى{ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }( )
ج‌- وقال تعالى { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ
ح‌- إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }( ) فالمالك الملك المطلق العام الشامل هو الله
خ‌- سبحانه تعالى وحده و نسبة الملك إلى غيره نسبة إضافية فإن
د‌- ملك الإنسان قاصر وملك مقيد بخلاف ملك الله تعالى فهو ملك
ذ‌- عام شامل و ملك مطلق يفعل الله سبحانه و تعالى ما يشاء و لا يسأل
ر‌- عما يفعل و هم يسألون( )
ز‌- إفراد الله تعالى بالتدبير فالله عز و جل منفرد بالتدبير فهو الذي
س‌- يدبر الخلق و يدبر السماوات و الأرض كما قال الله سبحانه
ش‌- و تعالى {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ و َالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }( ) و هذا التدبير
ص‌- شامل لا يحول دونه شيء و لا يعارضه شيء أما تدبير
ض‌- بعض المخلوقات أمور حياتها فهو تدبير ضيق محدود
ط‌- ومقيد غير مطلق( )

2- توحيد الإلوهية
ومعناه بعبارة إجمالية الاعتقاد الجازم بأن الله سبحانه هو
الإله الحق ولا إله غيره وإفراده سبحانه بالعبادة وبيانه أن
الإله هو المألوه أي المعبود والعبادة في اللغة هي الانقياد
والتذلل والخضوع وقد عرفها بعض العلماء بأنها كمال
الحب مع كمال الخضوع ( )

3- توحيد الأسماء والصفات
ومعناه بعبارة إجمالية الاعتقاد الجازم بأن الله عز وجل
متصف بجميع صفات الكمال ومنزه عن جميع صفات
النقص وأنه متفرد عن جميع الكائنات وذلك بإثبات ما أثبته
سبحانه لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من
الأسماء والصفات الواردة في الكتاب والسنة ـ الصحيحة ـ
من غير تحريف ألفاظها أو معانيها ولا تعطيلها بنفيها أو نفي
بعضها عن الله عز وجل ولا تكييفها بتحديد كنهها واثبات كيفيه
معينه لها ولا تشبيهها بصفات المخلوقين ( )

ما يقوم عليه توحيد الأسماء والصفات Sad )
أ‌- تنزيه الله تعالى عن مشابهه الخلق وعن أي نقص
ب‌- أثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو على لسان نبيه
ت‌- دون نقص أو زيادة أو تأويل أو تفويض
ت- قطع الطمع عن إدراك كيفية الصفات

ولقد بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب أحوال الناس من حيث
ركني الإيمان الأول والثاني
فقال : " أما توحيد الربوبية فهو الذي أقر به الكفار على زمن
الرسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدخلهم في الإسلام وقاتلهم
رسول الله عليه الصلاة والسلام و استحل دمائهم وأموالهم وهو
توحيد بفعله تعالى والدليل قوله تعالى : { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء
وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ
الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} ( ) وتوحيد الإلوهية هو
الذي وقع فيه النزاع في قديم الدهر وحديثه وهو توحيد الله بأفعال
العباد كالدعاء والنذر والنحر والرجاء والخوف والتوكل والرغبة
والرهبة والإنابة ودليل الدعاء قوله تعالى {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ
لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}( ) ( )

ثانيا : الإيمان بالملائكة
الذين هم عباد الله المكرمون والسفرة بينه تعالى وبين رسله عليهم الصلاة
والسلام الكرام خلقا وخلقا والكرام على الله تعالى البررة الطاهرين ذاتا
وصفة وأفعالا المطيعين لله عز وجل وهم عباد الله عز وجل خلقهم الله
تعالى من النور لعبادته ليسوا بنات الله عز وجل ولا أولادا ولا شركاء
معه ولا أندادا تعالى الله عما يقولون الظالمون والجاحدون والملحدون
علوا كبيرا
قال تعالى {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ (26) لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ
وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم
مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}( ) ( )

ثالثا : الإيمان بكتب الله تعالى
نؤمن بما سمى الله تعالى منها في كتابه من التوراة و الإنجيل و الزبور
و نؤمن بأن لله تعالى سوى ذلك كتبا أنزلها على أنبيائه لا يعرف
أسماءها و عددها إلا الله تعالى و أما الإيمان بالقرآن فالإقرار به و
إتباع ما فيه و ذلك أمر زائد على الإيمان بغيره من الكتب فعلينا
الإيمان بأن الكتب المنزلة على رسل الله أتتهم من عند الله و أنها
حق و هدى و نور و بيان و شفاء قال تعالى{قُولُواْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ
إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى
وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}( ) ( )


رابعا : الإيمان بالأنبياء و المرسلين
ومعناه الإيمان بمن سمى الله تعالى في كتابة من رسله وأنبيائه
والإيمان بأن الله عز وجل أرسل رسلا سواهم وأنبياء لا يعلم عددهم
وأسماءهم إلا الله تعالى الذي أرسلهم ( )
قال تعالى {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ
عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاء أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ
هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ} ( )
وقال تعالى{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ }( )

خامسا : الإيمان باليوم الآخر
وهو الإيمان بكل ما أخبر به الله عز و جل في كتابه و أخبر به رسوله
صلى الله عليه و سلم مما يكون بعد الموت من فتنة القبر و عذابه و
البعث و الحشر و الصحف و الحساب و الميزان و الحوض و الصراط
و الشفاعة و الجنة و النار و ما أعد الله تعالى لأهلها جميعا( )

سادسا : الإيمان بقضاء الله و قدره
القضاء و القدر هو النظام المحكم الذي و ضعه الله لهذا الوجود و
القوانين العامة و السنن التي ربط بها الأسباب بمسبباتها( )
و هذا المعنى هو ما وردت به آيات القرآن التي ذكرت القدر مثل:
قال تعالى: { وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ }( )
وقال تعالى: { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ }( )
وقال تعالى: { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }( )

المبحث الثالث: الإيمان يزيد و ينقص

اختلف العلماء في زيادة الإيمان و نقصانه هل يزيد و ينقص أم لا وإن
كان يزيد و ينقص ففي أي شيء تكون الزيادة و النقصان في التصديق
أم القول أم العمل و الخلاف في هذه المسألة مبني على الخلاف حول
حقيقة الإيمان فمن أدخل العمل في الإيمان قال بالزيادة و النقصان و
من أخرج العمل عن أركان الإيمان نفى الزيادة فيه و النقصان كما
سيظهر ذلك مما يلي بإذن الله تعالى.

أولا مذهب جمهور علماء أهل السنة و الجماعة
ذهب جمهور علماء أهل السنة و الجماعة إلى أن الإيمان هو"قول باللسان
و عمل بالأركان و عقد بالجنان يزيد بالطاعة و ينقص بالعصيان"( )
فهؤلاء أدرجوا الطاعات كلها تحت اسم الإيمان و هذا غير بعيد في
التسمية و قد سمى الله تبارك وتعالى الصلاة إيمانا في قوله
{ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ }( ) أراد الصلاة التي صلوها إلى
بيت المقدس فمن أطلق اسم الإيمان على الطاعات كلها يقول
على مساق أصله يزيد الإيمان بزيادة الطاعات و ينقص بنقصانها( )
ولما كانت الأعمال و الأقوال داخلة في مسمى الإيمان كان
الإيمان قابلا للزيادة و النقص فهو يزيد بالطاعة و ينقص
بالمعصية كما هو صريح الأدلة من الكتاب و السنة وكما
هو ظاهر مشاهد من تفاوت المؤمنين في عقائدهم و أعمال
قلوبهم و أعمال جوارحهم ( )

الأدلة على زيادة الإيمان و نقصانه
1- الأدلة من القرآن الكريم
قال تعالى : { وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا }( )
وقال تعالى : { وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى }( )
وقال تعالى : { وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا }( )
وقال تعالى : { هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا
إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ }( )
وقال تعالى : { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ
فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }( )
وقال تعالى : { وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَانًا
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }( )

2-الأدلة من السنة النبوية
ما رواه أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ
فَقَالَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ فَقُلْنَ
وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ مَا رَأَيْتُ مِنْ
نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ قُلْنَ
وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ
مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ قُلْنَ بَلَى قَالَ فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا
أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ قُلْنَ بَلَى قَالَ فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا( )
فإذا كانت المرأة لنقصان صلاتها عن صلاة الرجال تكون
أنقص دينا منهم مع أنها غير جانية بترك ما تترك من
الصلاة أفلا يكون الجاني بترك الصلوات أنقص دينا من المقيم المواظب( )

3-الأدلة من أقوال العلماء
ا- ترجم الإمام البخاري في صحيحه بابا بعنوان " بَاب زِيَادَةِ
الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى{ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى }( )
{ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا }( )وَقَالَ{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ }
( )فَإِذَا تَرَكَ شَيْئًا مِنْ الْكَمَالِ فَهُوَ نَاقِصٌ( )
ب- قيل لابن عيينة إن قوما يقولون الإيمان كلام فقال : كان هذا
قبل أن تنزل الأحكام فأمر الناس أن يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها
عصموا دماءهم و أموالهم فلما علم الله صدقهم أمرهم بالصلاة
ففعلوا ولو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار فذكر الأركان إلى أن قال
فلما علم الله ما تتابع عليهم من الفرائض و قبولهم قال
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا }( )
فمن ترك شيئا من ذلك كسلا أو مجونا أدبناه و كان ناقص الإيمان
ومن تركها جاحدا كان كافرا ( )

ثانيا :مذهب الأحناف
قالت الحنفية إيمان أهل السماء و الأرض لا يزيد ولا ينقص أيمن جهة
المؤمن به نفسه لأن التصديق إذا لم يكن على وجه التحقيق
كان في مرتبة الظن و التردد و الظن في مقام الاعتقاد غير
مفيد قال تعالى { وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا } ( ) وفسر
الحنفية زيادة الإيمان و نقصانه بالقوة و الضعف فالتصديق بطلوع
الشمس أقوى من التصديق بحدوث العالم وإن كانا متساويين
في أصل تصديق المؤمن به ... فالحنفية ذهبوا إلى أن أصل

الإيمان التصديق و هذا المعنى اللغوي هو الواجب على المسلم
لله تعالى و هو أن يصدق الرسول في جميع ما جاء به من عند
الله عز و جل فالإيمان لا يقبل الزيادة و النقص من حيث أصل
التصديق لا من جهة اليقين فإن مراتب أهلها مختلفة في كمال
الدين كما أشار إليه تعالى بقوله { أَوَلَمْ تُؤْمِن } ( ) كما أن مرتبة
عين اليقين فوق مرتبة علم اليقين و كما هو معروف ليس الخبر
كالمعاينة و قال بعضهم لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا يعني أصل
اليقين وهو لا ينافي زيادة اليقين عند الرؤية ( )
الرد على الحنفية
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "الْإِيمَانُ بِضْعٌ
وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا
إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ"( ) ومع أن الإيمان
المطلق مركب من الأقوال و الأعمال و الاعتقادات فهي ليست كلها
بدرجة واحدة بل العقائد أصل في الإيمان فمن أنكر شيئا مما يجب
اعتقاده في الله أو ملائكته أو كتبه أو رسله أو اليوم الآخر أو ما هو
معلوم من الدين بالضرورة كوجوب الصلاة و الزكاة و حرمة الزنا
و القتل فهو كافر قد خرج من الإيمان بهذا الإنكارو أما الفاسق الملي
الذي يرتكب بعض الكبائر مع اعتقاده حرمتها فأهل السنة و الجماعة
لا يسلبون عنه اسم الإيمان بالكلية ولا يخلدونه في النار كما تقول
المعتزلة و الخوارج بل هو عندهم مؤمن ناقص الإيمان قد نقص
من إيمانه بقدر معصيته أو هو مؤمن فاسق فلا يعطونه اسم الإيمان
ولا يسلبونه مطلق الإيمان قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا
عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء }( ) فناداهم باسم الإيمان مع وجود المعصية وهي
موالاة الكفار منهم ( )

القول الراجح في زيادة الإيمان ونقصانه
و الذي يتبين من خلال عرض الأدلة السابقة أن مذهب الجمهور هو
الأقوى و الأرجح و الذي تدل عليه الآيات و الأحاديث الصحيحة و الله أعلم.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moslmoon.rigala.net
 
بحث عن الإيمان و الإسلام - جزء ثان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بحث عن الإيمان و الإسلام - جزء أول
» الإسلام والغرب... بحث عن ضوء في النفق
» تاريخ اليهود قبل الإسلام
» الإسلام باللغه الفرنسيه
» بحث شامل عن حكم الإسلام في الموسيقى والغناء

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نافذة الإسلام الصحيح :: أبحاث عن الاسلام-
انتقل الى: